الأمواج المتلاطمة .. ولما آنس في نفسي كُلّ طلاقة وشغف .. اتسق له المقام ، وسهل عليه المقال ، نظر إليّ بإمعان. كان ناظراه جعلا يطوّفان في ماضي وجودي كلّه ، إذ لم يتوقع منّي كُلّ هذا الاصرار ، حتّى ظننت أنّي أطوف في مروج كُلّ أيّامي .. لأ نّي أحسست أن مثل هذا الشخص يمتلك من العزم ما يرسخ في جبين الذاكرة .. لا لأ نّه كان قد استبصر في السابق ، بل لأن خلقه كان له أن يذكرني بما يطالبه أئمة الشيعة من مواليهم أنفسهم أن يكونوا عليه ويتخصلون به من خلق ولياقة .. حتّى يكونوا زيناً لهم ، ولا يصيرون بعد ذلك شيناً عليهم ، ليتمكن الرائي أو أيّما جليس يقاسمهم ساعات النهار أو الليل ، أن يقول في نفسه رحم اللّه جعفر الصادق ، إنّه قد هذّب شيعته فأحسن تهذيبهم. ومن بعد مناقشات عدّة وفدت إلى واحة أُخرى من هذه المباحثات حتّى طفق يبتدرني بالسؤال :
ـ « هل يمكنك أن تخبرني عن الأمّة التي جعلها اللّه وسطاً ، من يا ترى تكون هي؟ ».
تمهلت قليلاً قبل الإجابة ، حاولت الاحتراس أكثر من توطين النفس على العجلة دون التريث لغاية تحمد عقباها ، هجست أنّي قبالة سؤال لا يحتمل كُلّ هذا الاجفال بل هذا الترديد ، فسارعت إلى التعبير :
ـ « وما يمكن أن نكسب من هذه المعادلة؟ ».
ـ « ما يمكننا أن نكسبه من القرآن نفسه! ».
سارعت إلى مساءلته وأنا أحاول استفزازه أكثر من أيّما لحظة سبقت :
ـ « إلى مثل هذا الحد يمكنك أن تجازف في القول! ».
سألني كأنّه يحاول انتهاز الفرصة تلو الأُخرى ، كيما يسلقني بلسان ذرب ،