تفنن في التقاط عجزه وشطره ، كيما يوجه دفة مركبه نحو جهة لم يسبق أن أعلن عنها حتّى حين استدارتها أو أنّه صار يحرك بمقبض عجلته الدوّار ، لينقل عربته إلى أيّما نقطة يحب أن ينقل إليها ناظري قعيده الذي غامر باجلاسه إلى جانبه .. ومن دون أن يدري هذا الجليس كيف فعل كُلّ ما فعل ، لأ نّه كُلّما أراد منه شيئاً انتزع منه رؤوس حلول مغرم كان هو بسماعها حتّى إذا ما تناولها عاجله بالانتقال إلى واحة أُخرى لا تتيح للجانب الآخر أن يستمع إلى جواب سؤاله التقليدي :
ـ « هل يمكن لك أن تتلو عليّ آية الشهادة؟ ».
استغربت هذا السؤال ، وعجبت من مفاده بل من منطوقه .. فأيّة شهادة هذه التي يزعمها ، وأيّة آية هذه التي يروم البحث في موادها .. إنّه يغريني بالعبث بكُلّ أرصدة ذاكرتي العلمية .. بل يتحرى كُلّ قواعد اللعبة. سألته أنا الآخر ، انشأت أحب أن أواجهه بنفس أسلوبه .. فإذا ما سألني عمدت أنا الآخر إلى توجيهه نحو المعلم الذي ما أُريد لعدسات أحداقه أن تبارحه حتّى أُجيز لها مثل ذلك ، قلت له :
ـ « لم أسمع بهذا التبويب والتسميات من قبل؟ ».
قال وإثر ابتسام في محياه ، لم يكن ليختمر بعد في صدره :
ـ « أعود أسائلك أنا الآخر : ما كنت قد سألتك عنه قبل لحظات ، فهلا عرفتني بهوية الأمّة التي يمكن أن نطلق عليها أُمّة وسطاً ».
قلت في نفسي :
ـ « إما أن تكون الأمّة الإسلامية أو تكون غيرها .. ولكن يبدو أنّه يراوغ في سؤاله .. بل إنّ مثل هذا الجواب ليثير أفكاره حتّى يعتقدني أبلهاً ليس