ـ « الوسط : ما له الطرفات أو الأطراف ، ويستعمل بمعنى العدل ، لأنّ الوسط هو أعدل ما يكون من الشيء وأبعده من الانحراف. وبعبارة أُخرى : لأنّ العدل متوسط بين التفريط والافراط. ويقرب منه استعماله في معنى الخيار. وكيف كان فهو صفة للشيء بالقياس إلى الغير ».
ـ « والشهادة؟ ».
ـ « الشهادة والشهود : الحضور مع المشاهدة بالبصر أو بالبصيرة. يقال : شهد المجلس : حضره واطلع عليه. والمستفاد من موارد استعمال هذه المادة اشرأب معنى التطلع والاشراف فيها في كثير من الموارد. فيفيد معنى الرقابة والنظارة ، فيستعمل مع لفظة ( على ) الاستعلائية. ومنه ما تكرر في القرآن الكريم من اطلاق الشهيد على اللّه تعالى ، مثل قوله سبحانه في سورة البروج الآية ٩ : ( واللّهُ عَلى كُلِّ شَيء شَهِيدٌ ) ».
ـ « والأهم من كُلّ هذا ، هو : الأمّة الوسط؟ ».
ـ « وغير خفي على الناظر في الآية ، إنّ وصف الأُمّة بالوسطية تكريم لها ، وتعظيم لشأنها ، ومنّة من اللّه سبحانه عليها ، وأن غاية هذا الجعل كونهم شهداء على الناس ، وكون الرسول عليهم شهيداً ».
ـ « هل تعني أنّ الشهادة المذكورة هي ما كانت إلاّ علة غائية للجعل المذكور ، متفرع عليه نحو تفرع الغاية على ذيلها ».
فقال لي وهو ينظر بحبور وابتسام :
ـ « هذا كُلّه مما لا ريب فيه ، وإنّما الكلام هو في ما هو المراد من كونهم وسطاً وفي ارتباط الشهادة به. فقد قيل : إنّ المراد هو كون هذه الأُمّة على النهج الأوسط المعتدل ، فلا إفراط ولا تفريط ».