ـ « وهل يمكن أن يرجع إلى هذا القول ما قيل من أنّ اللّه سبحانه أقام في دينه توازناً بين متطلبات الروح ومتطلبات البدن تحقيقاً للواقعية الكاملة ».
ـ « بالضبط! ولذا ، فإنّ هذه الأُمّة تشكل النموذج الكامل الذي يشهد على الماديين المفرطين بأ نّهم عطّلوا الجانب المعنوي الراقي في الوجود الإنساني ، وأخلدوا إلى البهيمية ».
ـ « كما يشهد على أولئك الذين أغرقوا في الجانب الروحي ، فخرجوا عن صراط الاعتدال وراحوا إلى الرهبنة المقيتة ».
ـ « وعليه ، فتكون هذه الأُمّة مثلاً أعلى للناس ، كما أنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم هو المثال الأكمل لهذه الأُمّة.
ـ « ولي أن أرى أنّه ليقرب من هذا الرأي ، ما تفيده آية أُخرى ».
ـ « أجل ، فإنّه قد قيل بأنّ هذه الآية تؤدي ما بينته الآية الكريمة الأُخرى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ ) (١) .. فهذه الأُمّة المسلمة هي أسمى أُمّة وأكملها ، وهي واسطة العقد بين الأُمم ».
ـ « وهل ثمة آراء أُخرى حول هذا المطلب؟ ».
ـ « لقد قيل بأنّ المراد هو جعل هذه الأُمّة حجّة ومناراً للخلق ، فهي تبلغ أحكام الإسلام ، وتعلم الناس سبيل الكمال. كما أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حجّة عليها ، إذ تؤخذ معالم الدين منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بينما يأخذ الناس منها هذه المعالم السامية ، فتكون حجّة عليهم حتّى تصير وسطاً بينهم وبينه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أنّه وسط بين الأُمّة وبين اللّه تعالى ».
____________
(١) آل عمران : ١١٠.