ـ «؟!».
ـ « وقيل : إنّ هؤلاء المخاطبين جعلوا في منزلة الوسط والاعتدال تكويناً ، ليقوموا بمهمة الإشراف على الناس ، ومراقبة أعمالهم وأقوالهم ، بل والإشراف على مبادئ نياتهم. وبذلك يتحملون الشهادة ليؤدوها يوم القيامة ».
فتابعت حديثه ، وكان يهتم بما أقول ، وكأ نّه يشعر كيف أنّي قد صرت أُجاذبه الحديث في آية كنت أجهل اسمها :
ـ « إلاّ إنّي أرى أنّه ومهما كان مبلغ ما قيل ، أو يقال من الصحة ، فإنّه من غير المشكوك فيه أن وصف : الوسطية السامي ، إنّما هو للخواص من الأُمّة ، دون من ينتحل الإسلام ، ولا يفهم منه إلاّ لماماً. أو هو أشقى من غير المسلمين ، بل قد يكون أشقى الآخرين كما جاء في بعض الروايات ».
ـ « صحيح ، فإذا وصفت الأُمّة بأ نّها : الأُمّة الوسط ، فإنّ ذلك على أساس وجود من يتصف بهذا الوصف العالي فيها ، وذلك على حد قوله سبحانه وتعالى موجهاً الخطاب إلى بني اسرائيل : ( وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً ) (١). وقوله تعالى : ( وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ ) (٢). رغم أنّ الملك كان واحداً في كُلّ عصر ، وأنّ الأفضلية على العالمين كانت لخصوص فئة متفردة منهم ».
عندها استدركت كلامه ، وأنا أقول :
ـ « ومثله قوله تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) (٣) .. بالرغم أنّ فيهم المنافقين والفاسقين ».
____________
(١) سورة المائدة : ٢٠.
(٢) البقرة : ٢٧.
(٣) الفتح : ٢٩.