أنّ للعمل مراتب متفاوتة ، والتعبير بالرؤية والشهادة تعبير عن بعض مراتبه. ومن هنا يمكن أن نصحح العرض على اللّه سبحانه وتعالى يوم الخميس ، مع أنّه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ».
أبقاني في حيرة من أمري ، إنّه اعتمد ـ أساساً ـ استخدام بعض الاصطلاحات التي لم أسمع عنها شيئاً في الروايات التي سردها عليّ ، وكأ نّه يطالبني بتحريك عقلي أكثر فأكثر ، والتحري عن مواطن مثل هذه المصطلحات في روايات عدة ، والبحث والدراسة للغور أعمق والتأكد من كُلّ هذه الوثائق العقلية والنقلية واكتشاف المزيد منها. لأ نّه ما غاب عنّا من الروايات ، كان أكثر ممّا حضر بين أيدينا! لكني بقيت كالمتسائل الذي يترجم مبهماته إلى تعابير مسموعة :
ـ « أيمكنك أن تبين لي بعض مقتضيات هذا المقام الرفيع الذي يمكن أن يتمتع به الشهداء على الناس؟! ».
قال طلال :
ـ « سأذكر لك بعضها ، أولاً : علمهم بالغيب ، وبسبل تختلف عن سبل غيرهم من الناس ، وهو ظاهر لا بدّ من التصديق به. أما الثاني : فهو أنّهم واسطة الفيض الالهي المعبر عنه بالولاية التكوينية ، فإنّ العلم الحضوري هو حضور المعلوم بوجوده الخارجي عند العالم. وهذا لا ينطبق في المقام إلاّ على علم العلة بمعنى ( ما به ) على المعلول. الثالث : العصمة من الضلال ، فإنّ اطلاق الوسط وعدم تقييده في قوله سبحانه ، يدل على أنّهم في قلب الوسط الحقيقي. ولذا ، فهم معصومون عن الانحراف والإفراط والتفريط. على أنّ قوله تعالى : ( جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) ، يدلّ وكما سبق على أنّ اللّه تعالى قد اصطفاهم