الفصل السادس
طلال واستقلالية العلم
وبعد عدة أيام ، كنت قد قضيت أوقاتها ما بين المطالعة والدرس ، والتطلع إلى مناظر الطبيعة ومراقبة كُلّ ما حولي بعين ساهمة ، تشاور كُلّ الوجود كيما تبلغ عنان أفلاك السماء ، وتفهم سر هذه الرحلات الأرضية وهذه التقلبات والتغييرات في سيماء التاريخ ، وألوان الماضي حتّى احالنا الحاضر إلى مثل هذه الاستجوابات الذاتية والتساؤلات المتداعية!
وإذا ما كان طلال قد غاب عنّي لفترة من الزمان ، لعلة شغلته ، وأعمال أخذت منه كُلّ وقته .. فإذا بي أراني ذات صباح ، ومن بعد ما تناولت طعام الإفطار ، أنعم تحت ظلال السماء الباردة ، بشعاع دافئ مسكوب من خصلات نجمة شمس الصباح الشتائية الناهدة .. حتّى كان يطلع علي طلال عبد الواحد بطلعته الناصعة ، بوجه صارم ، لا يخالطه سوى حنان أخوي ، واشفاق عمر ضاع بين صفحات أعناق زجاجات ، رمتها سنوات مطّرحة على ضفاف السواحل التي ما زالت تنأى بالإنسان عن موطنه ومحل صباه ومسقط رأسه! قال لي :
ـ « كيف حالك أيّها الأخ العزيز؟! ».
ـ « على أحسن ما يرام؟ ».
وبعد أن شربنا قدحين من الشاي ، كان يحكي لي قصة حياته ، ويسرد لي