ـ « وبعد أن مضى عصر أئمّة المذاهب ».
ـ « فإنّه كان قد جاء دور أتباعهم ، فشغل كُلٌّ بمذهبه الذي يرتضيه ، وتأصلت روح الخصومات ، وانحاز كُلّ إلى جهة ، بدون التفات إلى ما وراء هذا التحيز من خطر على العلم ، في ضياع حقيقته ، وسلب منافعه التي أراد الإسلام أن تسير الأُمّة على ضوء تعاليمه القيمة لاكتساب السعادة ».
ـ ومتى كان قد وصل الأمر إلى تحديد الأخذ بمذهب معين لا غير ، والزام الناس بالأخذ عن المذاهب الأربعة فحسب؟ ».
ـ وهذا لم يتم إلاّ بعد مدة من الزمن! ».
ـ « أتقصد بأنّ الناس ما كانوا قد اجتمعوا على التقليد في مذهب واحد بعينه؟ ».
ـ « بل كان الناس على درجتين ، هذا ما أخبرنا به الشاه ولي الدهلوي في كتابه رسالة الانصاف ، حيث كتب يقول وهو يتبع مقالته السابقة : العلماء والعامة ، وكانوا في المسائل الاجتماعية التي لا خلاف فيها بين المسلمين ، أو بين جمهو رالمجتهدين ، لا يقلدون إلاّ صاحب الشرع ، وكانوا يتعلمون صفة الوضوء والغسل ، وأحكام الصلاة والزكاة ونحوه ، من آبائهم ، أو معلمي بلادهم ، فيسيرون على ذلك المنوال. وإذا وقعت لهم واقعة نادرة استفتوا فيها ، ومن غير تعيين مذهب! ».
ـ « والعلماء؟ ».
ـ « وأما العلماء ، فكانوا على مرتبتين : منهم من أمعن في تتبع الكتاب والسنة والأثار حتّى حصل له بالقوة القريبة من الفعل ملكة تؤهله لفتيا الناس ، يجيبهم في الوقائع غالباً ، بحيث يكون جوابه أكثر مما يتوقف فيه ، ويخص باسم