فقه ونظر. ووجدت هاتين الفرقتين إخواناً متهاجرين! ».
ـ « ..؟! ».
ـ « .. أمّا أهل الحديث والأثر ، فإنّ الأكثر منهم ، إنما كدّهم الروايات ، وجمع الطرق. وطلب الغريب والشاذ من الحديث الذي أكثره موضوع ، أو مقلوب! لا يراعون ولا يفهمون المعاني ».
ـ « إلى هذا الحد؟! ».
ـ « وربما عابوا الفقهاء ، وتناولوهم بالطعن ، وادعوا عليهم مخالفة السنن .. ».
ـ « والطبقة الأُخرى؟ ».
ـ « وأمّا الطبقة الأُخرى ، وهم أهل الفقه والنظر ، فإنّ أكثرهم لا يعرجون الحديث إلاّ على أقله ، ولا يكادون يميزون صحيحه من سقيمه. وذلك إذا وافق مذاهبهم التي ينتحلونها ، ووافق آراءهم التي يعتقدونها. وقد اصطلحوا على موضوعات بينهم في قبول الخبر الضعيف والحديث المنقطع ، إذا كان قد اشتهر عندهم ، وتعاورته الألسن فيما بينهم من غير تثبت فيه أو يقين علم به. ولو حكي لهم عن واحد من رؤساء مذاهبهم وزعماء نحلهم قول يقوله باجتهاده من قبل نفسه ، طلبوا فيه الثقة ، واستبرأوا له العدة ».
ـ « وهل يمثّل لمثل ذلك؟ ».
ـ « إنّه بالفعل يستشهد ببعض الأمثلة عن ذلك .. فتجد أصحاب مالك لا يعتمدون في مذهبه إلاّ على ما كان من رواية ابن القاسم وأشهب. فإذا جاءت رواية عبد اللّه بن الحكم وأضرابه لم يكن عندهم طائلاً. وترى أصحاب أبي حنيفة لا يقبلون من الرواية عنه إلاّ ما حكاه أبو يوسف ومحمّد بن الحسن. فإن