الفلاسفة والحكماء حتّى كتبوا محضراً يتضمن ذلك ، ووضعوا خطوطهم بما يستباح به دمه! ».
ـ «؟!».
ـ « وفي مصر يأمر القاضي المالكي ، وهو الحارث بن مسكين ، بإخراج الحنفية والشافعية من المسجد ، وأمر بنزع حصرهم. وفي سنة ٥٣٨ ، قدم بغداد : الحسن بن أبي بكر النيسابوري الحنفي ، وتحامل على الأشعري ، وعلى الشافعية ، وفيها أخرج أبو الفتوح الاسفراييني من بغداد ، وذلك لما حصل فيها من الفتن بين الأشعرية والشافعية » (١).
جعل يراقب تطلعاتي الطامعة وتشوفاتي الفضولية التي ليس لها أن تشبع قط ، حتّى صار يتابع كلامه وهو يحاول قدر جهده أن يخلص في أداء مهمته ، من أجل أن لا يؤثر على مخيلتي ما له أن يحيلها إلى الوقوع تحت طائلة النتائج السلبية ، فقال :
ـ « ولعل أعظم صورة تتجلّى بها روح العصبية والخلاف بين الطوائف ، هي قضية القفال عند السلطان محمود بن ناصر ، وذلك إنّه كان حنفياً ، وتحوّل شافعياً ، فأحضر علماء الفريقين ، وطلب من القفال المروزي أن يصلّي ركعتين ، طبق المذهب الحنفي. فصلّى القفال على مذهب الشافعي ، وكان شافعي المذهب بوضوء وشرائط معتبرة ، ثُمّ صلّى على مذهب أبي حنيفة ، وما يجوزه في الصلاة ، فصلّى ركعتين بتلك الصورة القبيحة التي ذكروها وأنا أحاول أن أعرض عن ذكرها .. إن أجزتني أن أنصرف عنها ولو تلويحاً لهذه المرّة فقط!
____________
(١) المنتظم ١٠ : (١٠٦) ١٠٨.