إنّي جاعل في الأرض خليفة
الله خلق الكون ، وجعل خليفة الله على الكون هو الشخص المصطفى ، قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَْرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (١) ، والملائكة موجود علمي ، وأوّل من انطبق عليه وصف الخليفة هو آدم عليهالسلام ، وتساؤل الملائكة عمّا قالوا عنه أنّه يفسد فيها ويسفك الدماء يطابق المدرسة الذاتية التي تكلّمنا عنها ، والتي يكون من نتائجها الفساد سواء كان فساداً مالياً أو خلقيّاً أو صحيّاً : ( قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ، أي : إنّ هذا الخليفة مقدّر له أن يصلح الأرض ، وهذا الخليفة هو آدم ومن بعده من الأنبياء والرسل إلى خاتم الأنبياء ، ومن الإمام علي عليهالسلام إلى الإمام الحجّة (عجّل اللّه فرجه الشريف) ، ولولا هؤلاء الخلفاء لكتب الدمار للبشرية ، ولعاشت البشرية الدمار على الصعيد البيئي والترابي والهوائي والصحي وغيرها.
الخليفة هو الشخص المصطفى من الله
وذلك لأنّ هؤلاء مدبّرون ، ولو رفعوا أيديهم عن تدبير البشرية في مجالات عديدة لكتب على البشرية ما تنبّأت به الملائكة : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) ، وبالتالي فإنّ الباري تعالى يقول : إنّ هذه الأرض استخلفت فيها الشخص المصطفى من الخلق ، والله هو مالك الملوك ، وهو الذي قال عن نفسه : ( أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (٢) ، فالذي يصلح لتدبير البشرية ، والذي يتحلّى بكافّة المواصفات والمؤهّلات إنّما هو الخليفة.
__________________
١ ـ البقرة (٢) : ٣٠.
٢ ـ الملك (٦٧) : ١٤.