فهذه المفاضلة وقعت بين التمسُّك بالسُنَّة وبينَ إحداث ( البدعة ) التي وُصفت في الحديث بأنَّها رافعةٌ للسُنَّة من الأساس ، وكأنَّها جاءت مفسرةً للحديث مورد البحث.
وهناك قرينةٌ متصلة بالحديث تؤيدُ المعنى الذي ذهبنا إليه ، وتمنعُ التبريرَ المدَّعى للتقسيم ، إذ أنَّ صدرَ الحديث يكرِّسُ محاربةَ ( البِدعة ) ، ومواجهتها ، بما لا يدعُ مجالاً للريب في مؤدَّى الحديث ، فقد وردَ عن الإمام جعفرٍ الصادق عليهالسلام أنَّه قالَ :
|
( صومُ شهرِ رمضانَ فريضةٌ ، والقيامُ في جماعةٍ في ليلتهِ بِدعةٌ ، وما صلاّها رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في لياليه بجماعةٍ ، ولو كانَ خيراً ما تركَه ، وقد صلّى في بعض ليالي شهرِ رمضانَ وحده ، فقامَ قومٌ خلفَه ، فلما أحسَّ بهم دَخَلَ بيتَه ، فَعَلَ ذلكَ ثلاثَ ليالٍ ، فلما أصبحَ بعد ثلاثٍ صعدَ المنبرَ ، فحمدَ اللّهَ وأثنى عليهِ ، ثمَّ قالَ : ـ أيُّها الناسُ ، لا تصلّوا النافلةَ ليلاً في شهر رمضانَ ، ولا في غيره ، فإنَّها بِدعةٌ ، ولا تصلّوا الضحى ، فإنَّها بِدعةٌ ، وكلُّ بِدعةٍ ضلالةٌ ، وكلُّ ضلالةٍ سبيلُها إلى النار ، ثمَّ نزلَ وهو يقولُ : قليلٌ في سُنَّةٍ خيرٌ من كثيرٍ في بِدعةٍ ) (١). |
__________________
(١) الصدوق ، أبو جعفر ، التوحيد ، باب : ٥٥ ، ح : ١١ ، ص : ٣٤٢.