الدليل الرابع
استعمال المتشرعةِ للبِدعة ينافي التقسيم
ويمكنُ أنْ يضافَ إلى هذا المقدار من الاستعمال في النصوص الشرعية ، قرائنُ ظنيةٌ قوية ، مستفادةٌ من تتبعِ واستقراء استعمالات المتشرعة الذين رافقوا الزمنَ الأول للتشريع ، ومَن جاءَ بعدَهم بقليل ، والوصولُ من خلال ذلك إلى عين النتيجة السابقة ، وهي : أنَّ المتشرعةَ لم يستعملوا البِدعةَ إلا مذمومةً أيضاً ، فنحنُ نرى من خلال استعراض استعمالات هذهِ الطبقة التي كانَت تتلقى المفاهيمَ الإسلامية من قرب ، أنَّ تطبيقَ هذا المفهوم لم يكن يتجاوزُ الحادثَ المذموم بشكل عام ، وأمّا قصةُ التقسيم فهي قضيةٌ حدثت في فترةٍ متأخرةٍ عن بدايات عصر التشريع ، وكانَت لها خلفياتُها ودواعيها الخاصة ، ومنطلقاتُها التي قد نكونُ ألمحنا للبعض منها فيما مضى من دراستنا هذه.
والآن نحاولُ أنْ نستعرضَ بعضَ التطبيقات التي قد استُعملت ( البِدعةُ ) فيها مذمومةً ، مع اعتقادنا بأنَّ الاستعمال بحدِّ ذاته لا يكشفُ ذاتياً عن حقيقة الوضع الشرعي لهذا المفهوم في معناه الحقيقي ، إلاّ انَّنا حين نضمُّ إلى ذلك الاستعمالات الواردةَ على لسان صاحب الشريعة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأهلِ بيته الطاهرينَ عليهمالسلام ، مع الأدلة المتقدمة التي قضت ببطلان التقسيم المزعوم ، نجدُ أنَّ هذهِ الاستعمالات تشكِّلُ بمجموعها قرينةً مؤثرة في الحسابات العلمية ، وتؤيدُ بطلانَ القول بالتقسيم.
ونودُّ أن نذكِّرَ بأنّنا لسنا بصدد تقويم هذهِ النصوص المعروضة ، أو بيان صحة أو عدم صحة مواردِها واستعمالاتها ، وإنَّما نحنُ بصدد الاستشهاد بنحو استعمال لفظ ( البِدعة ) الوارد فيها ، ومن خلال النظر إلى هذه الزاويةِ ليسَ غير.
وسوف نذكرُ ما يتيسرُ ممّا وردَ في استعمال لفظ ( البِدعة ) مذمومةً ضمنَ مرحليتن :