|
ـ زعمَ قومٌ من أهل الحجاز أنَّكَ عهدتَ إلى قومٍٍ شهدوا أنْ لا إلهَ إلا اللّه ، ولم يقرّوا أنَّ محمداً رسوله ، فقتلتهم بالدخان ، فقالَ أميرُ المؤمنين عَليهِ السلامُ : ـ فنشدتُكَ بالتسع الآيات التي أُنزلت على موسى بطور سَيناء ، وبحق الكنائس الخمس القدس ، وبحق السمت الديان ، هل تعلم أنَّ يوشعَ بن نون أُتيَ بقومٍٍ بعد وفاة موسى عَليهِ السلامُ شهدوا أنْ لا الهَ إلا اللّه ، ولم يُقرّوا أنَّ موسى عَليهِ السلامُ رسولُ اللّهِ ، فقتلهم بمثل هذهِ القتلة؟ فقالَ اليهودي : ـ نعم .. إلى آخر الحديث ) (١). |
فمن الواضح أيضاً من خلال هذهِ الواقعة أنَّ المرتكز في أذهان هؤلاءِ المحاجّين عن ( البِدعة ) هو أنَّها لا تردُ إلاّ مذمومة ، ولا تُستعمل إلّا في هذا المجال؛ ولذا نراهم يوجهون النقدَ إلى أمير المؤمنين عليهالسلام من خلال وصف عمله بالابتداع بادئَ بذي بدء ، إلاّ انَّهم يتراجعون عن ذلك ، بعد أنْ يبيِّنَ لهم علي عليهالسلام دوافعَ هذا الإجراء ، وبعد أن يعلموا أنَّ عملَه عليهالسلام إنما كانَ نابعاً من صميم التشريع ، ومتخذاً من أجل صيانته والذبِّ عنه.
المرحلة الثانية :
طُبقت كلمةُ ( البِدعة ) على الجدال في القرآن بغير علم ، فعن ( اليقطيني ) أنَّه قالَ : كتبَ أبو الحسن الثالث عليهالسلام إلى بعض شيعته ببغداد :
__________________
(١) الكليني ، محمّد بن يعقوب ، الفروع من الكافي ، ج : ٤ ، كتاب الصيام ، باب : النوادر ، ح : ٧.