جعفر السبحاني
يقولُ العلامةُ المحققُ الشيخ ( جعفر السبحاني ) :
|
( وأمّا البِدعةُ بمعنى إدخال ما ليسَ من الدين في الدين ، فهو قبيحٌ مطلقاً لا ينقسم ، وليس له إلا قسمٌ واحدٌ ، وهو أنَّه قبيحٌ محرَّمٌ على الإطلاق ) (١). |
وبما أنَّ التقسيمَ المزعوم للبِدعة لا يمتلكُ أياً من المرتكزات الشرعية أو العقلية التي تبررُه بشكلٍ مطلق ، بل لكونه يصطدمُ بشكلٍ مباشر مع حكم العقل ، ونصوصِ الشرع كما أسلفنا ذلك في البحث السابق .. فقد التفت مجموعةٌ من علماء مدرسة الخلفاء إلى هذا الأمر ، وأبطلوا القولَ بالتقسيم بشكل صريح.
ولكنَّ هؤلاءِ ظلّوا يعيشون في نفس الوقت هاجسَ ( التراويح ) ، وتحيَّروا في تبرير إطلاق لفظ ( البِدعة ) عليها في مقولة : ( نعمتِ البدعةُ هذهِ ) ، إذ لا بدَّ أن يكونَ المرادُ منها أحدَ أمرين : إمّا المعنى الاصطلاحي ، وإمّا المعنى اللغوي ، فإن كانَ المرادُ منها هو المعنى الاصطلاحي ، فهو غيرُ قابل للانطباق إلا في خصوص الموارد المذمومة ، بنصِ كلام النافين للتقسيم ، وهذا يعني كونَ ( التراويح ) بِدعةً لا أصلَ لها في الدين ، وإذا كانَ المقصودُ منها هو المعنى اللغوي الذي يعني الأمرَ الحادث لا على مثال سابق ، على ما أجمعَ عليه اللغويون ، فهذا ينتهي بهم أيضاً إلى كون ( التراويح ) ( بِدعةً ) لا أصل لها في الدين أيضاً ، إذ أنَّ من أجلى قيود ( البِدعة ) وشروطها بالاتفاق ، هو عدمُ وجود أصلٍ شرعي لها في الدين.
__________________
(١) السبحاني ، جعفر ، بحوث في الملل والنحل ، ج : ٤ ، ص : ٩٢.