القول بالتقسيم ، ويتضمنُ مشروعيةَ إطلاق لفظ ( البِدعة ) على ما لم يكن مذموماً ، ومن ثمَّ يُتَّخذُ القولُ بالتقسيم الذي يُدَّعى استفادته من هذا الحديث ذريعةً لصحة استعمال ( البِدعة ) في غير موردَ الذم.
وبعبارة أُخرى إنَّ تقسيمَ ( البِدعة ) إلى مذمومة وممدوحة قد بُنيَ على طبيعة الاستعمال المذكور في الحديث ، وورودُ هذه الكلمة في حديث ( عمر ) ، وبعد ذلك خُرِّجَ القولُ بصحة إطلاق لفظ ( البِدعة ) على ( التراويح ) ، واستعمالها في غير مورد الذم ـ على ما يُدَّعى في نفس الحديث ـ بناءاً على التقسيم المذكور.
فانظر ماذا ترى؟!!
وأمّا بقيةُ الأعلام من مدرسة الخلفاء الذين أصابوا الواقعَ في القول بنفي التقسيم المذكور ، فقد تحيَّروا حقاً في توجيه هذهِ المقولة ، وتبرير إطلاق لفظ ( البِدعة ) على ( التراويح ) ، ومن ثمَّ استحسانها ، والإطراء عليها.
فهل انَّها استُعملت في المعنى الاصطلاحي الشرعي الذي يعني ( إدخال ما ليس من الدين فيه ) والذي ليس له إلا قسمٌ واحد مذموم؛ فيتم بذلك القضاءُ المبرم على شرعية ( التراويح )؟!!
أو انَّها استُعملت في المعنى اللغوي الذي يعني الأمرَ الحادثَ الذي ليس له أصلٌ سابق ، فلا تكونُ النتيجةُ في هذا الفرض بأحسن مما سبق؟!!
أو أنَّ هناك استعمالاً ثالثاً لم نتمكن من الاهتداء إليه؟!!
هذهِ الأسئلةُ أخذت تطرحُ نفسَها بالحاحٍ أمامَ النافينَ للتقسيم المذكور ، وباتت تنتظرُ الإجابةَ الصريحةَ منهم ، وفقاً لما توصلوا إليه من نتائج تلك الأبحاث.
ونودُّ هنا أنْ نلفتَ نظرَ القارئ الكريم إلى أنّا لسنا بصدد إثبات صحة إطلاق لفظ ( البِدعة ) الواردة في مقولة « نعمتِ البدعةُ هذهِ » على معنىً دونَ معنىً آخر ، لأنَّه سواءٌ أصحَّ هذا الإطلاق أو ذاك؛ فإنَّ صلاة ( التراويح ) غيرُ ثابتةٍ لدينا ، ولم يقم على مشروعيتها أيُّ دليلٍ شرعي ، ولكنَّ كلامنا يتجه نحو الطريقة التي يتعاملُ بها الكثيرُ