من أعلام مدرسة الخلفاء مَعَ مفردات الثقافة الإسلامية ، وكيف تكونُ هذهِ المفرداتُ الحساسة ضحيةً للتقولات والتبريرات ، إذ يكونُ الأساسُ في البحث والطرح العلمي هو تبريرُ ما يُرادُ تبريرُه ـ لأيِّ دافعٍٍ كانَ ـ حتى لو اقتضى الأمرُ حرفَ المفهوم عن حقيقته ، وإقصاءه عن واقعيته التشريعية ، وهذا ما لمسناه بشكلٍ مباشر في الكلمات المتقدمة التي بَنَت تقسيمَ ( البِدعة ) على أساس مقولة ( نعمتِ البدعةُ هذهِ ) ، على حساب المعنى الشرعي والواقعي لها ، والذي تداركه البعضُ الآخرُ من هؤلاءِ الأعلام الذين أبطلوا القولَ بالتقسيم.
ولكنَّ هؤلاءِ وإن أصابوا في إبطال القول بالتقسيم ، إلاّ انَّهم وقعوا في نفس ما وقعَ فيه الأسبقون حينَ حاولوا تبريرَ مقولة ( نعمتِ البدعةُ هذهِ ) ، وتوجيه استعمال هذا اللفظ فيها ، مَعَ الحرص على القول ببطلان التقسيم ، وأنَّ ( البِدعةَ ) لا تُطلقُ في مصطلح الشرع إلاّ في مورد الذم والحرمة.
وإنْ كنّا نحتفظُ لأنفسنا بالاعتقاد بأنَّ لفظَ ( البِدعة ) هنا قد استُعمل في معناه الشرعي المصطلح والمرتكز في أذهان المسلمين ، والذي يعني ( إدخال ما ليسَ من الدين فيه ) ، كما سجَّلنا ذلك دليلاً من نفس الحديث المذكور على عدم شرعية صلاة ( التراويح ) ، ليُضمَّ إلى الأدلة والقرائن الأُخرى في المقام.
ويبقى علينا أنْ ننتحلَ العذرَ لأمر الإعجاب بهذهِ ( البِدعة ) ، والإطراء عليها ، لِما رآه القائلُ المبتكِرُ من استجابةٍ مثالية من قبلِ الكثير من المسلمين لقراراته ، التي ينطلقُ فيها من اعتبار نفسه ناطقاً باسم الرسالة والدين ، وممسكاً بزمام الأحكام الشرعية ، ومؤهلاً لرفعها ، أو وضعها من الأساس!!
وقبل أن نستعرضَ بعضَ الأقوال التي برَّرت إطلاقَ لفظ ( البِدعة ) على صلاة ( التراويح ) من قبل النافين للتقسيم ، نشيرُ إلى أنَّ هؤلاءِ قد اتفقوا على أمرين هما :