وقعت بينَ أميرِ المؤمنين عليهالسلام وبينَ الخلفاء الثلاثة الذينَ سبقوه خلافاتٌ تتعلّقُ بأُصولِ التشريع ومبانيه ، مما لا يمكنُ بشأنه القولُ بأنَّ الجميعَ يمثِّلُ السُنَّة ، ويحكي التشريع ، وأبرز هذهِ الخلافات هي :
* ما مَّر معنا سابقاً من أنَّ أميرَ المؤمنين علياً عليهالسلام قد نهى المسلمينَ عن إقامة صلاة ( التراويح ) ، عندما سألوه أنْ ينصبَ لهم إماماً لأدائها ، وعرَّفهم بأنَّ ذلكَ خلافٌ لسُنَّة رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسيرتِهِ الثابتة (١).
فمن الواضح أنَّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لو كانَ قد أمَرَ المسلمين باتباع سُنَّة الخلفاء الأربعة ، وأنّ سُنَّة كلِّ واحدٍ منهم مرضية بالنسبة إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومجزئة للمسلمين ، لما كان هناك داعٍ لأن يردعَ أميرُ المؤمنين علي عليهالسلام عن سُنَّة عمر السابقة ، ويعتبرَها من البدع المخالفة لسُنَّةِ رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
* ما وردَ من أنَّ أميرَ المؤمنينَ علياً عليهالسلام قد خالفَ رأي ( عمر ) و ( عثمان ) في شأن متعة الحج ، حيثُ قالَ ( عمر ) و ( عثمان ) بعدم جوازها ، وشرَّعا تحريمَها ، وعدمَ جوازِ وصلها بالحج ، وأمّا أميرُ المؤمنين علي عليهالسلام فقد قالَ بجوازها ، وجواز الجمعِ بينَها وبين الحج ، ومن ثمَّ فقد جسَّد علي عليهالسلام هذهِ المخالفةَ عملياً ، ليثبتَ أنَّ سُنَّةَ رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم أحقُّ أنْ تُتَّبع.
__________________
(١) وقد قالَ عليهالسلام في ذلك : ( واللّهِ لقد أمرتُ الناسَ أنْ لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتُهم أنَّ اجتماعَهم في النوافل بدعةٌ ، فتنادى بعضُ أهل عسكري ممن يقاتلُ معي : يا أهلَ الإسلام ، غُيِّرت سُنَّة عمر! ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ) : الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ج : ٥ ، ح : ٤ ، ص : ١٩٣.