إنَّ قضيةَ الخلافةِ الإسلامية والولاية على أمر التشريع لهي من أهمِّ ما يفكّرُ فيه رائدٌ إنساني مثل النبي الخاتَم ( صلى الّه عليه وآله وسلم ) ، الذي بُعثَ ليقدّمَ للبشرية جمعاء منهجاً متكاملاً يغطّي جوانب الحياة ، ويستجيب لمختلف احتياجاتها ومتطلباتها؛ ليودِّع أُمََّتَه بعد ذلك وهو مطمئنٌ على سلامة ما أتى به من مبادئ وأحكام ..
على أنَّ علماءَ مدرسة الخلفاء ومحدثيهم يروون الحشدَ الكبيرَ من الروايات الدالة على استخلاف ( أبي بكر ) لـ ( عمر ) من بعده ، كما أنَّ ( عمرَ ) قد جعلَ الخلافةَ من بعده في واحدٍ من ستة نفرٍ شخَّصهم بأسمائهم (١).
__________________
(١) رُويَ أنَّ أبا بكر : ( دعا عثمانَ بنَ عفان فقالَ : اكتب : بسمِ اللّهِ الرحمنِ الرحيمِ ، هذا ما عهد أبو بكر بنُ أبي قحافة في آخر عهده من الدنيا خارجاً عنها ، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها ، حيثُ يؤمنُ الكافرُ ، ويوقنُ الفاجرُ ، ويصدِّق الكاذبُ ، إنّي استخلفتُ عليكم بعدي عمرَ بنَ الخطاب ، فاسمعوا له وأطيعوا ) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٤١٧٥ ، ص : ٦٧٤.
ورُويَ أيضاً أن أبا بكر قالَ لعمر : ( أدعوكَ لأمرٍ متعب لمن وُلّيه ، فاتقِ اللّهَ يا عمرُ بطاعته ، وأطعه بتقواه ) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٤١٧٦ ، ص : ٦٧٧.
ورُويَ أنَّ الناسَ قالَوا لعمر عند ما دنت إليه الوفاةُ : استخلفْ ، فقالَ ( لا أجدُ أحداً أحقَّ بهذا الأمر من هؤلاءِ النفر الذين تُوفيَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ وهو عنهم راضٍ ، فأيُّهم استُخلفَ فهو الخليفةُ بعدي ، فسمّى علياً وعثمانَ وطلحة والزبيرَ وعبدَ الرحمن بنَ عوف وسعداً ) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٤٢٤٥ ، ص : ٧٣٠.
وعنه أنَّه قالَ : ( وان اجتمعَ رأي ثلاثة ثلاثة فاتبعوا صنفَ عبد الرحمنِ بنِ عوف واسمعوا وأطيعوا ) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٤٢٥١ ، ص : ٧٣٣.
وليُنظر إلى ما يرويه ( ابنُ عباس ) عن ( عمر ) حيث يقولُ : ( إنّي لجالسٌ مَعَ عمر بن الخطاب ذاتَ يوم إذ تنفَّسَ تنفساً ظننتُ أنَّ أضلاعَه قد تفرَّجت ، فقلتُ : يا أميرَ المؤمنين ، ما أخرجَ هذا منكَ إلاّ شرٌّ ، قالَ : شرٌّ واللّهِ ، إنّي لا أدري إلى مَن أجعلُ هذا الأمرَ بعدي ، ثم التفتَ إليَّ فقالَ : لعلَّك ترى صاحبَكَ لها أهلاً ، فقلتُ : إنَّه لأهلُ ذلكَ في سابقته وفضله ، قالَ : إنَّه لكما قلتَ ، ولكنَّه امرؤٌ فيه دعابة ) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٤٢٦٢ ، ص : ٧٣٧.