نظرة
على الفصل السادس
إنَّ من الأسرارِ العظيمةِ التي تقفُ وراءَ حفظِ تعاليمِ الشريعةِ الإسلاميةِ من التحريفِ والتشويه هو اختصاصُ أمرِ التشريعِ باللهِ تعالى ، والتأكيدُ على عدمِ جوازِ الاجتهاد في مقابلِ النصوصِ الإلهيةِ من قبلِ جميعِ البشرِ بشكلٍ قاطعٍ؛ ولذا نلمسُ اللهجةَ الحادةَ في محاربةِ البِدعِ ، باعتبارِ أنَّها لونٌ من ألوانِ الكذبِ والافتراءِ على اللهِ ( جَلَّ وَعَلا ) ورسولهِ الأمين (ص).
وقد حاولَ بعضُ المدافعينَ عن ( التراويح ) إقحامها ضمنَ السُنَّةِ من خلالِ ادِّعائهم بأنَّها من قبيل الاجتهادِ الجائزِ المستندِ على الأُصولِ الشرعيةِ ، فكانَ التبريرُ الأولُ يستندُ في مشروعيةِ ( التراويح ) على القولِ بأنَّ فيها دعوةً إلى الصلاةِ وتشدداً في حفظ القرآنِ الكريمِ ، وفاتَ هؤلاءِ أنَّ هذا التبريرَ صالحٌ لإدخالِ آلافِ البِدعِ المحدثةِ في الدينِ ، والزيادةِ على كلِّ النوافلِ المسنونةِ ، بل والمفروضة ، وابتكارِ المزيدِ من العبادات!!
والتبريرُ الثاني مبنيٌّ على القولِ بأنَّ بإمكانِ الإنسانِ أنْ يبتكرَ عباداتٍ وصلواتٍ من عند نفسهِ ، ولا يُقالُ أنَّ ذلك ( بدعة ) ، و ( التراويح ) كذلك ، وسوفَ نثبتُ بطلانَ هذا الكلامِ من جهةِ أنَّ الصلوات عباداتٌ توقيفيةٌ في جوهرها وأساسياتها ، كما أنَّ الإتيانَ بالعملِ العبادي المشمولِ بالعموميات الشرعيةِ يتحولُ إلى ( بدعةٍ ) إذا ما نُسبَ بكيفيتهِ المخصوصة المبتكرةِ الجديدةِ إلى الدين.
صلاةُ التراويح