(٢)
بصمات التراويحِ على الوحدةِ الإسلامية
لقد دفعَ أتباعَ مدرسةِ أهلِ البيتِ عليهمالسلام ثمنَ تمسكهم بسُنَّةِ رسولِ اللهِ الناصعةِ على مرِّ العصورِ باهضاً وثميناً ، فقد أخذت الشبهاتُ تثارُ حولهم من كلِّ جانبٍ ومكان ، وأخذ المتعصبونَ يكيلونَ لهم الاتهامات الباطلة من دونِ أدنى سببٍ ، وانقلبت الموازينُ الحقيقيةُ رأساً على عقب ، وأصبح أصحابُ البدعِ والضلالات يتهمونَ أصحابَ الحقِّ والبصيرةِ بعدمِ الإتباع.
وبدلاً من أنْ تبحثَ الأُمورُ وفقاً للمناهج العلميةِ ، والآراءِ الموضوعية ، والدراساتِ التحليلية ، لبلوغ الحقيقة ، والتقاربِ والتآلف ، أصبحَ منطقُ كيلِ الاتهاماتِ ، وإثارةِ الضغائنِ والأحقاد هو السائد والرائج على مسرحِ الخلاف.
وكانت ( صلاةُ التراويح ) واحدةً من المفردات التي شهدت سيادةَ الأهواءِ على العقلِ ، وغلبةَ الشقاقِ على الوحدة ، واستعلاءِ الضغينةِ على المودةِ والمحبة.
ولا نريدُ أنْ نستفيضَ في ذكرِ الشواهدِ على هذا اللونِ من مصادرةِ العقلِ ، وظلمِ الحقائق؛ لأنَّ في ذلك إيلاماً للنفس ، وتهييجاً للمشاعر ، وإدماءاً للقلوبِ التي عشقت منهج أهل بيتِ النبوة ، وسارت على محجتهم ، وانتهلت من معين علومهم ، فدفعت ثمنَ ذلكَ ظلامةً ، وتنكيلاً ، ومطاردةً ، وتقتيلاً ، على مدى العصورِ ، من قبل السياساتِ الظالمة ، والعصبيات المقيتة (١).
__________________
(١) راجع على سبيل المثال لا الحصر : المجازر والتعصبات الطائفية في عهد الشيخ المفيد لفارس الحسّون؛ فقد تناول الكتاب حقبةً زمنيةً محددةً ، وهي تعتبر فترةً قصيرةً بالنسبة إلى التاريخ الإسلامي الطويل ، ولكنَّها على الرغم من ذلك فقد زخرت بالمآسي المريرة ، والفجائع الكبيرة ، التي سوف تبقى شاهداً يحكي مظلومية أهل البيت (ع) وأتباعهم على مستوى الفكر والجسد ، على مدى العصور.