(١)
موقف النبي (ص) من صلاةِ التراويح
هناك قرائنُ عديدةٌ تشيرُ إلى أنَّ رسولَ الله ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) لم يؤدِ نافلةَ شهرِ رمضانَ المسماة بـ ( التراويح ) جماعةً ، بل إنَّه نهى عن الإتيان بها على هذه الكيفية ، وعدَّها ( بدعةً ) محدَثةً ، ومن هذه القرائن ما يلي :
إنَّ من الأُمور التي تؤيِّد منافاةَ صلاة ( التراويح ) لمبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها ، وأنَّ رسولَ اللّه ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) لم يسنَّها ، هو الطائفةُ الكبيرةُ من الأحاديث النبوية التي دلَّت على حثِّ المسلمين على صلاة النوافل عموماً في البيوت؛ لأنَّ هذا الأمرَ أقربُ للإخلاص ، وأدعى للقبول. بل قد وردَ النهي من قبل رسول اللّه ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) عن صلاة النوافل جماعةً ، لمّا رأى بعضَ الأصحاب يصلّون خلفه خِلسةً ، ووجَّههم إلى إخفاءِ النوافل ، وعدمِ تشريع الجماعةِ فيها ، كما سيأتي بيانُه.
وقد وردَت رواياتٌ كثيرةٌ في كتب مدرسةِ الصحابة تدلُّ على استحباب إخفاءِ النوافل ، والإتيانِ بها في البيوت ، وأفتى بهذا الأمر علماءُ هذه المدرسة في مصنفاتهم ، فقد وردَ في ( صحيح مسلم ) أنَّ النبي ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) قالَ :
|
( إذا قَضى أحدُكم الصلاةَ في مسجدِهِ ، فليَجعلْ لبيتِهِ نصيباً من صَلاتِهِ ، فإنَّ اللهَ جاعلٌ من صَلاتِهِ في بيتِهِ خَيراً ) (١). |
__________________
(١) مسلم ، صحيح مسلم ، ج : ٢ ، ص : ١٨٧ ، باب : استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد.