فمن هذا الحديث نفهمُ مجموعةً من المداليل التي تأتي في سياقِ عدمِ مشروعيةِ أداءِ نوافلِ شهر رمضانَ جماعةً ، وهذهِ المداليلُ هي :
١ ـ إنَّ النبي ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) قد اتخذَ إجراءاً احترازياً في أداء نوافل شهر رمضانَ منفرداً ، من خلال اتخاذه زاويةً من زوايا المسجد ، وتحويطها ، وإبعادِها عن الأنظار.
٢ ـ إنَّ المصلين الذين التحقوا بالنبي ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) كانوا قد تسلَّلوا إليه في أثناء أدائه للصلاة ، وتتبعوا أثرَه فيها ، من دون علمٍ منه ، فهو ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) لم ينوِ إمامتَهم في الصلاة ، ولا جمَعهم عليها ، وإنَّما كانَ ذلك فضولاً وتطفُّلاً منهم في ذلك ، أي إنَّ الصلاةَ كانت بمبادرةٍ من طرف واحدٍ فقط ، وهم هؤلاءِ الثلةُ المتطفلون وحسب.
ويؤيدُ ذلك ما ذكره ( الحميدي ) في ( الجمع بين الصحيحين ) في مسند ( أنس بن مالك ) من ( المتفق عليه ) حيثُ يقولُ :
|
( كانَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ يُصلّي في شهرِ رمضانَ ، فجئتُ فقمتُ إلى جنبه ، وجاءَ رجلٌ آخرُ فقامَ أيضاً ، حتى كنّا رهطاً ، فلما أحسَّ النبيُّ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ أنَّا خلفَه جعلَ يتجوَّزُ في الصلاة ، ثمَّ دخلَ رحلَه فصلّى صلاةً لا يصليها عندنا ، فقلنا لهُ حينَ أصبحنا : ـ أفطنتَ لنا الليلةَ؟ فقالَ : ـ نعم ، ذلكَ الذي حمَلني على الذي صنعتُ ) (١). |
__________________
(١) ابن طاووس الحسني ، رضي الدين علي بن موسى ، الطرائف في معرفة المذاهب والطوائف ، ص : ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ، والحديث في المسند برقم : ١٠٩ ، ورواه مسلم في صحيحه ، ج : ٢ ، ص : ٧٧٥.