٦ ـ ومن القرائن المهمة في هذا المقام هو الهيئةُ التي خرجَ عليها رسولُ اللهِ ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) ، فقد خرج مُغضباً ، ومن دون شكٍ أنَّه ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) لا يغضبُ لأمور الدنيا ، ولا للتجاوز على حرمته الشخصية ، وإنَّما يغضبُ لأنَّه يرى دينَ اللهِ مهدَّداً من داخل الكيانِ الإسلامي ، ويغضبُ لأنَّ القومَ كانوا يريدون أنْ يبدِّلوا شريعةَ السماء حسبَ أهوائهم ورغباتهم ، ويغضبُ لأنَّه يريدُ أنْ يقولَ للأجيال القادمة : أنْ لا تتلاعبوا بالتشريع ، ولا تجتهدوا في مقابل النص ، ولا يأتينَّ عليكم يومٌ تبدِّلونَ فيه سُنَّتي ، وتُغيِّرون شريعةَ ربِّكم وربي ، فتبتدعوا قيامَ نوافل الليل جماعةً ، وتورِّثوا ذلك للأجيال من بعدكم ، فتختلطَ الأمورُ ، ويلتبسَ الموقفُ ، ويمتزج الحرامُ بالحلال!!
صرَّح إمامانِ كبيرانِ من أئمة ( مدرسة الصحابة ) وهما ( مالك ) و ( الشافعي ) بأنَّ النبي الخاتَم ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ) قد نهى القومَ عن أداء صلاة ( التراويح ) بالكيفيَّة المذكورة ، وأنَّه قد عنَّفهم على فعلها ، وأمرَهم أنْ يصلّوا النوافلَ في بيوتهم على طبقِ تلك القاعدة العامة.
جاءَ في ( المغني ) :
|
( وقالَ مالكُ والشافعيُّ : قيامُ رمضانَ لمن قويَ في البيتِ أحبُّ إلينا ، لما روى زيدٌ بنُ ثابتٍ قالَ : احتجرَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ حجيرةً بخصفةِ أو حصير ، فخرجَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ فيها فتتبعَ إليهِ رجالٌ ، وجاءوا يصلّونَ بصلاتهِ. |