(١)
دوافعُ القولِ بتقسيمِ البِدعة
بعدَ أن ثبتَ لنا عدمُ مشروعية صلاة ( التراويح ) ، وأنَّها ( بِدعة ) دخيلةٌ على الشريعة الإسلامية ، نحاولُ أن نتعرضَ لأهم المحاولات من قبل بعض علماءِ مدرسة الخلفاء لتبرير المواظبة عليها ، والعملِ بها ، على الرغم من عدم مشروعيتها ، وهي المحاولةُ التي اعتبرت صلاةَ ( التراويح ) بِدعةً حسنة ، من خلال تقسيم البِدعة إلى : بِدعةٍ مذمومة ، وبِدعةٍ حسنة.
وسوف نرى حقيقةَ الأمر في هذا التقسيم المزعوم من خلال دراستنا لدوافع القول بتقسيم ( البدعة ).
لقد أخذَ مفهومُ ( البِدعة ) بعدَه الارتكازي المستفادَ من الشريعة في أذهان الأصحاب آنذاك ، نتيجةً لتناول النصوص النبوية له بكثرةٍ وتكرار ، وتأكيدها على ذم الابتداع ، وانتقادها له بشدة ، ودعوتها الى ضرورة مواجهته ، ومكافحته ، واستئصاله ، وتنكيلها بالمبتدعين ، ووعدهم بأشد وأقسى أنواع العقوبات الدنيويةِ والأخروية.
وشأنُ ( البِدعة ) في ذلك شأنُ المصطلحات الإسلامية المنقولةِ الأخرى ، التي كانَت لها مداليلُ لغويّة معينة قبل النقل ، وفي الاصطلاح اللغوي العام ، إلاّ إنَّها استُعملت من قبل الشارع المقدس في معانٍ اصطلاحية جديدة ، واتخذت طابعاً شرعياً محدّداً لا تربطُه مع المعنى السابق في مجالات الاستعمال ، إلاّ تلك العلاقةُ التي جوَّزت عمليةَ النقل ، ونتيجةً لكثرة استعمال هذهِ المصطلحات المنقولةِ الجديدة في حياةِ المسلمين في معانيها الشرعية ، فقد بدأت الذهنيةُ المتشرعةُ تهجرُ تلكَ المعاني اللغويةَ القديمة ، وتنصرفُ تلقائياً الى المعنى الاصطلاحي الشرعي من دون حاجةٍ الى ذكرِ القرائنِ والقيود.