الكتب في مجال تخصصاتها اللغوية ، باعتبار انَّها أسفارٌ علميةٌ معتبرة ، وخصوصاً الكتب اللغوية المشهورة منها ، ولا كلام لنا في ذلك ، إلا انَّه من غير الصحيح أن ينساق المرءُ مع كل ما يُطرح في هذهِ الكتب ، على مستوى تقرير المعاني الاصطلاحيةِ للألفاظ ، ويتلقاها من دون تثبُّت ، وإمعان نظر؛ وذلك لما ثبت عن طريق التتبعِ والاستقراء ، من عدم توفر الدقة الكافية في تحقيق هذهِ المعاني الاصطلاحية ، والتي قد لا تُضبطُ بشكل كامل ودقيق حتى من قبل أصحاب الفن أنفسهم ، ومن جهةِ خروج هذا المطلب عن أصل التخصص الذي يدور حولَه البحث في مثل هذهِ المصنّفات.
(٣)
بطلان القولِ بتقسيمِ البِدعة
وبعد هذه الجولة السريعة في مجمل الآراء التي تعرضت لتقسيم ( البِدعة ) الى مذمومة وممدوحة ، وملاحظة الخلفيات التي دعت الى القول بهذا التقسيم ، من خلال صراحة النصوص المتقدمة ، واعتمادها بشكل واضحٍ على مقولة : ( نعمتِ البدعةُ هذهِ ) ، فسوف نذكرُ أدلتنا على بطلان القول بتقسيم البِدعة الى مذمومة وممدوحة ، أو الى الأحكام الخمسة التي ادُّعيت في بعض الكلمات ، ثمَّ نتعرضُ بعد إتمام ذلك الى أقوال النافين للتقسيم من أعلام الفريقين.
وقبل أن نستعرضَ أدلةَ نفي التقسيم ، يجدرُ بنا أن نشيرَ الى أنَّ القول بتقسيم ( البِدعة ) يستندُ أساساً على الخلط بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لهذا المفهوم.