بل غياب الإمام يحمّل الأُمّة مسؤوليات جديدة يتيح لها هامشاً أكبر لتحقيق التطلّعات.
ومن جهة أخرى لا يعني غياب الإمام الفراغ القيادي ، حتّى تغدو الأُمّة كالغنم الهمل بلا راع ولا موجِّه ، بل هناك قيادة نائبة تنبثق من بين أفرادها ، تتصدّى لمسؤوليات التوجيه والإشراف على رسالة الاستخلاف ، وهذا أيضاً وجه آخر من أوجه مسؤوليات الأُمّة : الحفاظ على مؤسّسة الاجتهاد ودعمها وإفراز القيادات الفقهية القادرة على القيادة والتوجيه.
وبالنتيجة الأُمّة والإمام جناحان ينهض بهما التاريخ ، ولا يمكن للمسيرة أن تحلّق نحو الآفاق النهائية إلا بهما معاً. وهذا ما يوحي به الجذر اللغوي المشترك ( الأُمّة ) و ( الإمام ) فالإمام يؤم الأُمّة ، والأُمّة لابدّ لها من إمام يقودها إلى الأمام.
فالأُمّة تظلّ زمن الغيبة مسؤولة عن المهام الأساسية للمجتمع المسلم : الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الدين ، وحفظ أركانه ، كما أنّها تظلّ مسؤولة عن توافر شرائط الظهور ـ كما نبيّن لاحقاً ـ وهي مسؤولة عن إفراز القيادات الربّانية المخلّصة التي تصنعها المحن والابتلاءات والنضال والجهاد وسط أجواء الدفاع عن الدين والإخلاص لرسالته ونصرة المحرومين والمستضعفين ، إنّ انبثاق مثل هذه القيادات في أوساط الأُمّة هو الكفيل بتشكيل أنصار الإمام على المدى البعيد ، وتوفّر كوادر قادرة على إدارة شؤون الدولة العالمية وتسيير أمور المجتمع العادل.
في الفصل الثالث استعرضنا مراحل التاريخ كما تتراءى لنا في المنظور العام ، وهنا نحاول أن نطرح الصورة الكاملة لهذه المراحل وتحقيباتها في ضوء العقيدة المهدوية :
|
ـ مرحلة الحضانة. ـ مرحلة الوحدة. ـ مرحلة التشتّت. ـ مرحلة النبوة الخاتمة. ـ مرحلة المجتمع العادل. |