وعن هلاك قوم عاد قال تعالى : ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَ ذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَ لِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ) [ الأحقاف ].
ومن أهمّ الأهداف التي حقّقتها النبوة في هذا الدور : بلورة شريعة تتماشى مع درجة الوعي ، ويمكن أن نلخّص معالم شريعة نوح عليهالسلام والتي تمثّل الأساس التشريعي للنبوات اللاحقة في العناصر التالية :
أ. توحيد الله ورفض الشركاء والتسليم لربّ العالمين.
ب. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ج. أداء الصلاة.
د. المساواة والعدالة.
هـ. اجتناب الفواحش والمنكرات وصدق الحديث والوفاء بالعهد.
ولم تتضمّن هذه الشريعة حدود ولا فروض مواريث.
لم يكن الأنبياء إلى حدّ هذا الطور يتحدّثون عن القبلية أو عن العالمية رغم أنّ بعضهم كانت رسالته للناس كافّة ، كنوح عليهالسلام ، وإبراهيم عليهالسلام ، الذي يمثّل أهمّ أنبياء هذا الطور.
وربما يعود السبب في عدم إعلان الأنبياء عن طبيعة توجّههم هو أنّ فكرة العالمية لم يكن ممكناً للوعي السائد أن يتفهمّها ويتقبّلها.
ومن جهة ثانية تقوم فكرة القبيلة على أساس باطل لذلك لم يطرحها الأنبياء أيضاً إلا بعدما تهاوى الأساس الباطل لتلك الفكرة بقيام قبيلة مؤمنة تتركّب من أحفاد إبراهيم ، وتستند فيها العلاقات والبناء الاجتماعي على أسس عادلة ، حينذاك أعلنت النبوة عن تبنّيها للقبيلة ثمّ تدرّجت نحو إعلان العالمية في طور لاحق.
ويشرح صاحب اليوم الموعود هذا التبنّي قائلاً : ـ لقد كان الواقع يومئذٍ قائماً على إدراك أنّ القبيلة هي أحسن تنظيم اجتماعي يمكن القيام به لمصلحة المجموع ، من ثَمّ لم يكن