وفي حديث قدسي عن الأوصياء عليهمالسلام : ـ وعزتي وجلالي لأظهرنّ بهم ديني ، ولأعلينّ بهم كلمتي ، ولأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأملّكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرنّ له الرياح ، ولأذللّنّ له السحاب الصعاب ، ولأرقيّنّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولأمدّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ، ويجمع الخلق على توحيدي ، ثمّ لأديمنّ ملكه ، ولأداولنّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة ـ (١).
وهذا صريح في استمرار المجتمع العادل الذي يقيمه المهدي إلى يوم القيامة.
هكذا يدخل هذا المجتمع مدارات من الرقي الروحي والمعنوي بعد أن حلّ كلّ مشاكل الاقتصاد والسياسة والإدارة وتوزيع الثروات ليبلغ مرحلة يعيش فيها الفرد درجة من الالتحام الروحي بخالقه ، ـ حتّى يكون كلّ فرد مترقّباً لقاء الله جلّ شأنه ، مسروراً بالوصول إلى رضاه العظيم ونعيمه المقيم ، فيشاء الله عزّ وجلّ أن يأخذهم جميعاً إليه كما تزفّ العروس إلى عريسها والحبيب إلى حبيبه فيموتون جميعاً موتاً كشمّ الرياحين ، وبذلك تنتهي البشرية ويبدأ بذلك يوم القيامة ـ (٢) ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وهذه صورة رائعة أخرى تفتح قلوبنا وعقولنا لقوله تعالى للملائكة : ( اني اعلم بما تعلمون ).
في الفصل السابق وفي مبحث الأسس العامّة للنظرية الإسلامية تحدّثنا عن تفاؤلية هذه النظرية ورؤيتها الإيجابية لنهاية التاريخ السعيدة ، فالقرآن والروايات عموماً يبشّران بمستقبل بشري رغيد يعمّ فيه العدل والحرّية ويسود فيه المتقون والصالحون.
وفي النظرية الخاصّة تدعيم وتأكيد لهذه الحقيقة كما رأينا في تفاصيل مراحل التاريخ ، وتعجّ الروايات الخاصّة والعامّة أيضاً بتفاصيل عن المهدي عجل الله تعالى فرجه وعصره ، ونحاول
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ج ٥٢ ، ص ٣١٢.
٢ ـ محمّد صادق الصدر ، تاريخ ما بعد الظهور ، ص ٦٦٥.