الأساسية من الحرام والعيب وما شابه ، حيث تتجلّى الصورة والقيم الأساسية في تفاصيل الأمور الحياتية وأحكامها التشريعية.
وتبيّن تلك الكلمات المتقدّمة أهمّيّة فقه النظرية والنظرة الشمولية لكلّ مسألة عقائدية أو فقهية ومجال تطبيق ذلك في الحوار الهادف ، لإيجاد بنية معرفية إنسانية شاملة.
وقد يقول قائل : وما دخل كلّ هذا الكلام بما نحن بصدده من قضية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه؟ والجواب على ذلك : أنّ الكتاب الذي بين أيدينا يحاول السير على هذا المنهج ، لذا كان لابدّ من ذلك الكلام الذي جاء كمقدّمة للمقدّمة وعنونته ـ بين يدي المقدّمة ـ.
إنّ الحديث عن المهدوية في ضوء فلسفة التاريخ هو حديث عن عنوان يضمّ مفهومين : أوّلهما المهدوية ، وثانيهما فلسفة التاريخ.
والأول : هو الاعتقاد بمخلّص يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، وهي عقيدة تسالمت عليها إجمالاً كلّ الأديان ، ويُجمع المسلمون أنّ الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه هو من سلالة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أي من أبناء علي وفاطمة عليهماالسلام ، مع اختلاف في كونه من أبناء الإمام الحسن عليهالسلام ، أو من أبناء الإمام الحسين عليهالسلام ، وأنه وُلِدَ وهو حيّ غائب عن الأبصار ، أو أنّه سيولد في آخر الزمان ، مع اعتقاد سائر الإمامية بأنّه إمامهم الثاني عشر ، وأنه حيٌ غائبٌ عن الأبصار.
والثاني : فلسفة التاريخ ، وهي تعني أن ينظر الباحث إلى الحادثة التاريخية على أساس أنّها حلقة من مسيرة متجهة نحو نهاية محدّدة ترتبط غالباً بالرؤية الكونية الخاصّة بذلك الباحث ـ بمنطلقاته القبلية ـ ، فلا ينظر إلى الحادثة التاريخية على أساس تجزيئي منفصل عن تلك المسيرة التاريخية الكلية؛ بل يسندها إلى القوانين التي تحكم مسيرة التاريخ الإنساني ويربطها بغيرها من الحوادث على هذا الأساس ، مما يؤدّي إلى ربط الماضي بالحاضر والقدرة على استشراف المستقبل.