تسع وستين عاماً وستة أشهر وخمسة عشر يوماً كما ينقل المؤرّخون ، وسفراؤه هم على التوالي :
الأوّل : عثمان بن سعيد بن عمرو العمري.
الثاني : محمّد بن عثمان بن سعيد.
الثالث : حسين بن روح النوبختي.
الرابع : علي بن محمّد السمري.
ولما استوفت الغيبة الصغرى أغراضها صَدَر من الإمام عليهالسلام إلى السفير الرابع توقيعه الأخير سنة ٣٢٩ هـ وهو : ـ بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمّد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك؛ فإنّك ميّت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توصِ لأحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة الثانية فلا ظهور إلا بإذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً ـ (١).
ولقد حقّقت الغيبة الصغرى جملة من الأهداف ، أهمّها :
أوّلاً : إثبات وجود المهدي لما حفّت ولادته من ظروف من خلال ما يصل إلى الشيعة عنه عبر السفراء والوكلاء من تواقيع وبيّنات وبيانات.
ثانياً : اعتياد الناس على أسلوب استتار الإمام واحتجابه بعد ما كانوا يعاصرون الأئمة السابقين عليهمالسلام ويتمكّنون من مقابلتهم والاتصال بهم مباشرة.
ثالثاً : التدرّج مع الناس في اختفاء الإمام؛ لأنّ انسحاب القائد بشكل مباشر من الساحة قد يصدم الناس ولا يستطيعون مواجهة الأحداث وتدبير أمورهم الدينية والدنيوية بمعزل عن الإمام ـ لأنّ هذه القواعد كانت معتادة على الاتصال بالإمام عليهالسلام في كلّ عصر والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاكل المتنوّعة فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأة وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفكرية سبّبت هذه الغيبة المفاجأة الإحساس بفراغ دفعي هائل قد يعصف بالكيان كلّه ويشتّت شمله ـ (٢) ، وهذا يفسّر حكمة الإمام
__________________
١ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥١ ، ص ٣٦١.
٢ ـ محمّد باقر الصدر ، بحث حول المهدي ، ص ٦٨.