والبكاء؟ هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا؟ هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى؟ هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى؟ هل يتصل يومنا منك بعدة فنحظى؟ ... متى نرد مناهلك الروية فنروى؟ متى ننتفع بعذب مائك؟ فقد طال الصدى؟ متى نغاديك ونراوحك فنقرّ عينا؟ ... متى ترانا ونراك؟ .. وقد نشرت لواء النصر تُرى؟ أترانا نحفّ بك وأنت تَؤم الملأ؟ وقد ملأت الأرض عدلاً ، وأذقت أعداءك هواناً وعقاباً ـ (١).
ومن خلال دعاء العهد الذي يستحبّ للمؤمنين أن يدعوا به كلّ يوم بعد صلاة الفجر يُجدَّدُ العهد للمهدي f : ـ اللّهم إنّي أجدّد له في هذا اليوم ، وفي كلّ يوم عَهداً وعقداً وبيعة في رقبتي ( إلى أن يقول ) اللهمّ هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة ـ (٢).
وفي دعاء زمن الغيبة تضرّع لله أن يعجل الفرج والفتح والنصر : ـ اللّهم إنّا نشكو إليك فقد نبيّنا ، وغيبة إمامنا ، وشدّة الزمان عَلَينا ، ووقوع الفتن بنا ، وتظاهر الأعداء علينا ، وكثرة عدونا ، وقلّة عَددنا ، اللهم فأفرج ذلك عنّا بفتح منك تعجّله ، ونصر منك تعزّه ، وإمام عدل تظهره ، إله الحقّ آمين ـ (٣).
ولا يخفى ما لهذه التعبئة الروحية من ثمرات فهي تساعد المؤمن على الصمود في هذا الطريق ومواجهة كلّ الابتلاءات ، ومن جهة ثانية تعمّق الإحساس بالأمل وتقوّي حالة التفاؤل والرجاء مما يمنح المؤمنين قوّة تجاه كلّ الضغوطات التي تحاول خنق عزائمهم وإذابة إرادتهم. كما أنّ هذا الارتباط والانشداد القلبي بالإمام يساعدنا على الرقابة والمحاسبة المستمرّة لذواتنا حيث يحسّسنا هذا التعلّق الوجداني أنّ حركتنا هي بعين الإمام وإشرافه ، ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [ التوبة ].
إذا قدر المرء على الانفتاح الواعي على الأبعاد النفسية الشعورية والأبعاد الفكرية
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ٦١٢.
٢ ـ عباس القمي ، مفاتيح الجنان ، ص ٦١٤.
٣ ـ المصدر نفسه ، ص ١٠٨ ـ ١٠٩.