وتنجلي مع قيامهم عهود الظلام والانحراف التي أغرقت الأرض طويلاً في ليل حالك بهيم.
وعرفنا أنّه لمّا كان الإنسان حرّاً مريداً ، له أن يتمرّد ويرفض ، كما له أن يطيع وينقاد؛ لم يكن بلوغ الأهداف النهائية للمسيرة بالأمر الهيّن دون عراقيل وتعقيدات بل احتاج تاريخاً طويلاً من الجهاد والنضال ، رسم معالمه عدد كبير من الأنبياء والأوصياء والثوّار الربّانيين والصالحين؛ تحرّك هذا التاريخ في إطار تخطيط إلهي يستند إلى جملة من الأسس ( الإرادة الإلهية؛ السنن التاريخية؛ القوانين الطبيعية؛ الإرادة الإنسانية؛ الأهداف العليا ... ) يستهدف الدولة العالمية العادلة دون جبر ولا إلجاء.
ومن الطبيعي أن يستوجب هذا المجتمع العادل العالمي قيادة عالمية ، تمتلك أعلى درجات الاندكاك في الرسالة والذوبان في مبادئها ومقاصدها ، وأعلى مراتب الإخلاص والتجرّد ، فكان تدخّل التخطيط الإلهي لحفظ الوصي الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وغُيِّبَ عن الساحة لفترة ، انتظاراً لاستكمال الشرائط العامة قصد تحقيق النصر العظيم ، فبظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه يتحقّق الفرج ، وتستوفي المسيرة الإنسانية أغراضها باستمرار مجتمع المهديين ، واندحار جحافل الطاغوت إلى الأبد.
والبشرية اليوم وبسبب ما ترزح تحته من استبداد سياسي ، وحيف اجتماعي ، وقهر فكري وعقائدي ، وما تنوء به من فقر وجوع وحروب ودمار ، تعيش انشدادها الفطري إلى مخلّصها الموعود ، وتلهج القلوب قبل العواطف : العجل أيّها الأمل العظيم ، العجل العجل أيها الفجر السعيد ، العجل العجل أيّها الزمن الرغيد.
ولكن هل يمكن تعجيل الظهور؟ هل يمكننا فعلاً تقريب ساعة الخلاص؟ وما هو المفهوم الصحيح للتعجيل؟ وما هي عوامل تعجيل الفرج على مستوى الفرد والأمة؟
سنحاول أن نجيب عن هذه الأسئلة في ضوء الأسس الفكرية للنظرية المهدوية التي بنيناها إلى حدّ الآن.