على صنع الأحداث وتغيير مجرى التاريخ ، فالوصول إلى مجتمع ما بعد ظهور المهدي ، وإن نصّ عليه التخطيط ، وهو مفردة مهمّة منه ، متوقّف على الدور الإيجابي الذي يؤدّيه المؤمنون بامتلاكهم الوعي التاريخي الصحيح الكاشف عن الشرائط والموانع والمقتضيات ، فيمكنهم عبر تصعيد وتيرة العمل والجهاد في هذا الاتجاه من تقديم ساعة الخلاص وتعجيل الفرج.
فالتعجيل خيار من الخيارات يستفيد منه العاملون على خطّ انتظار المهدي بتوظيف وتسخير كلّ إمكاناتهم وقدراتهم المعنوية والمادّية لتحقيق شرائط الظهور في أقرب فرصة ، ويستدعون بذلك الإذن الإلهي بقيام المهدي وانتصاره.
المفهوم الثاني الذي أكّدت عليه الروايات وصار ارتكازاً أساسياً في أذهان المؤمنين في علاقتهم بالمهدي : الانتظار.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام ـ انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله؛ فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله انتظار الفرج ـ (١) ، وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج ـ (٢) ، وعن أبي عبد الله عليهالسلام ـ ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزّ وجلّ عملاً إلا به؟ فقلت : بلى. فقال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، والإقرار بما أمر الله ، والولاية لنا ، والبراءة من أعدائنا ، ( إلى أن يقول ) والانتظار للقائم ـ (٣) وقد عالجنا أبعاد هذا المفهوم مفصّلاً في الفصل السابق.
فقد يقال : إنّ مفهوم الانتظار مناقض لمبدأ تعجيل الفرج لما في الأوّل من دلالات التسليم والترقّب ولما يقتضيه الثاني من فعل وتحرك ، ولكن هذا القول ينطلق من فهم خاطئ للانتظار حيث يتصوّر الكثيرون أنّ الانتظار هو الانكفاء على الذات ، والتوقّف عن أي دور والاكتفاء بمراقبة إفرازات الأحداث التي يصنعها الآخرون ، والدخول بالتالي في سبات تاريخي طويل ترقّباً للحدث الكبير دون أية مساهمة.
__________________
١ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ١٢٣.
٢ ـ المصدر نفسه ، ج ٥١ ، ص ٣١٧.
٣ ـ النعماني ، الغيبة ، ص ٢٠٠.