رواية ) يسقط كلّ وليجة وبطانة ، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء ، كم من مؤمن ومؤمنة متلهّف حيران حزين ـ (١) ، فالفرد مسؤول عن حراسة معتقده وتحذيره في وجه كلّ التشكيكات سواء التي تعلّقت بالمهدي في شخصه وظروف ولادته وظروف غيبته ، أم تعلّقت بالرسالة في مفاهيمها العقائدية والفكرية العامّة أو الخاصّة ، مما يجعل التمسّك بالدين في هذا الجو زمن الغيبة تحدّياً كبيراً وموقفاً شامخاً لا يقدر عليه إلا القليل.
عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة المتمسّك فيها بدينه كالخارط لشوك القتاد بيده ، ثمّ أطرق ملياً ثمّ قال : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة ، فليتق الله عبد وليتمسّك بدينه ـ (٢) ، إضافة إلى هذا على الفرد أن يسعى إلى امتلاك تفسير واضح لحركة المهدي فيما هي علاقتها بالماضي والحاضر والمستقبل ، وفهم عميق لطبيعة المرحلة التاريخية التي تعيشها الأُمّة وما تحتّمه من أدوار ، بفضل هذا الوعي العقائدي المنبثق عنه رؤية واضحة حول تكليف المؤمن زمن الغيبة يحمي الفرد نفسه من الضياع والتيه والضلال ، ـ اللّهم عرّفني نفسك؛ فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف رسولك ، اللّهم عرّفني رسولك؛ فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك ، اللّهم عرّفني حجّتك؛ فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني ـ (٣) ، ويجعل عمله مرتبطاً بإمام العصر ، ويشعر أنّه يتحرّك فعلاً في الاتجاه الصحيح نحو المستقبل منسجماً مع أهداف التخطيط الإلهي مما يعطي نجاعة لهذه الأعمال وثقلاً تاريخياً في الميزان الواقعي طبعاً لا المادي الذي يقيّم الأعمال حسب آثارها الحسيّة.
وبفضل هذا الوعي يندفع المؤمن نحو خيارات التغيير والإصلاح فيواجه الانحرافات بهمّة عالية وإيمان بالنصر متسلّحاً برؤية مستقبلية متفائلة عن المستقبل السعيد المبارك كما شرحنا تفاصيله في الفصل الرابع.
لا يكتفي المؤمنون بتأصيل العلاقة بالمهدي تعجيلاً لفرجه على المستوى الفكري
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ١٨٠.
٢ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ١٣٥.
٣ ـ عباس القمي ، مفاتيح الجنان ، دعاء زمن الغيبة ، ص ١٠٢.