فحسب؛ بل يعملون جاهدين على تقوية الانجذاب الروحي والتعلّق الوجداني بالإمام ، فالمسألة ليست قضية تجريدية نتعاطى معها في أفق النظر الفكري بل هي عمق الارتباط بالقيادة الربّانية وروح التديّن الصحيح ، وهذا يفسّر اللوعة في قلوب المؤمنين والألم الشديد لغيبته وحرمان الجميع من بركاته ، جاء في الحديث ـ واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزع إليك مثل الطير إذا أمّت أوكارها ـ (١) ، ودور الفرد في هذا المجال أن يعزّز هذا الشعور ويغذّيه بكلّ ألوان الدعاء والمناجاة حتّى تتأجّج نار الشوق واللهفة صدقا وحقّا.
عن الرضا عليهالسلام : ـ لابدّ من فتنة صمّاء صيلم يسقط فيها كلّ بطانة ووليجة ، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يبكي عليه أهل السماء والأرض ، وكلّ حرّى وحرّان ، وكلّ حزين لهفان ، ( إلى أن قال ) كم من حرّى مؤمنة ، وكم من مؤمن متأسّف حيران حزين عند فقدان الماء المعين ـ (٢).
وقد حثّ الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه نفسه المؤمنين على الدعاء جاء في التوقيع المنسوب للحجّة : ـ وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب ، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، فأغلقوا أبواب السؤال عما لا يعنيكم ، ولا تتكفّلوا ما قد كفيتكم ، وأكثروا من الدعاء بتعجيل الفرج؛ فإنّ ذلك فرجكم ـ (٣).
وقد وردت أدعية كثيرة تتعلّق بالموضوع وتستهدف تعميق جملة من المعاني والمبادئ نذكر نماذج منها :
منها ما ورد عن الصادق عليهالسلام : ـ سيدي غيبتك نفت رقادي ، وضيّقت على مهادي ، وأسرت منّي راحة فؤادي ، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقدان الواحد بعد الواحد ، يفني الجمع والعدد ، فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني ، وأنين في
__________________
١ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ٣٥.
٢ ـ المصدر نفسه ، ج ٥١ ، ص ١٥٢.
٣ ـ المصدر نفسه ، ج ٥٢ ، ص ٩٢.