المادّية وتتنكّر للغيبيات والقيم الروحية ، فعلى أساس مثل هذه الثقافة جُرّ الناس إلى الإنكار والشكّ في ظهور الإمام.
عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ والله ليغيبنّ سبتاً من الدهر ، ولا يخملنّ حتّى يقال مات أو هلك بأي واد سلك ـ (١) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ إنّ القائم إذا قام يقول الناس أنّى ذلك وقد بليت عظامه؟! ـ (٢).
وللأسف الشديد وباستقراء واقعنا الإسلامي يتجلّى لنا غياب مؤسّسات إعلامية متخصّصة في هذا المجال ( دوريات ، إذاعات ، فضائيات ، مواقع على شبكة الإنترنيت ... ) تُعرّف بالإمام المهدي وتبيّن أهداف نهضته ووسائلها ، وتوضّح ضرورتها الحضارية وفوائدها على الناس جميعاً ، تُعلم الناس سبل الارتباط به والانتفاع بوجوده المبارك ، وتكشف عمَّا يعانيه المظلومون والمحرومون من اضطهاد وحرمان ، وما تمارسه مراكز القوى في العالم من بطش وقمع وتنكيل واسترقاق للمستضعفين ، وامتصاص لخيراتهم ، كما تبشّر بدولة الحقّ والعدل والحرّية التي يرفع رايتها المهدي عجل الله تعالى فرجه.
بعث مثل هذه المؤسّسات ودعم ما هو موجود منها ـ إن كان موجوداً حقّاً ـ من شأنه فعلاً تعجيل الخلاص.
الأطروحة التي سيطبّقها المهدي هي رسالة الإسلام ، وإن جاءت الروايات بعبارات ( أمر جديد ) ( كتاب جديد ) ... ، وعرفنا دلالات ذلك في الفصل الرابع وأنّ الأمر لا يخرج عن عنوان الإسلام والأحكام الإسلامية الملائمة للزمان وحاجات العصر ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : ـ يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من أهل بيتي ، تجري الملاحم على يديه ، ويظهر الإسلام ، لا يخلف وعده ، وهو سريع الحساب ـ (٣) ، هذا الظهور للإسلام على الدين كلّه كما وعد الله وعجل لن يكون إلا بعد إفلاس
__________________
١ ـ النعماني ، الغيبة ، ص ١٥٢.
٢ ـ المصدر نفسه ، ص ١٥٤.
٣ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥١ ، ص ٨٣.