ومن جانب آخر للحركات الجهادية ، والتي تمثّل المقاومة الإسلامية في لبنان نموذجاً رشيداً لها ، أهمّية قصوى قي توطين العاملين على مقارعة الظلم والظالمين وبقاء راية الجهاد خفّاقة حيّة في القلوب والعقول ، لا مجرّد شعار أو فريضة نظرية ، وهذا مبدأ أساسي لدولة المهدي الذي ستكون سنّته الجهاد والقتال.
يستوجب بلوغ الأهداف الكبيرة في التاريخ نضالات بحجمها ، ولا شكّ أنّ استهداف المؤمنين قيام الدولة العالمية يتطلّب جهوداً لا حدّ لها ، تبيّن لنا مما سبق عمقها واتساعها سواء على المستوى الفردي أم على مستوى الأُمّة.
ولكن قد يغفل المرء عن حقيقة مهمّة على هذا الصعيد مفادها أنّ المؤمن وهو يسعى جاهداً ليوطئ الطريق ويعبّده للحجّة لا ينطلق من رغبة شخصية في ذلك الرفاه المادّي والأمن الاجتماعي والسعادة القصوى في تلك الدولة المهدوية المنتظرة ، بل هو يستهدف بلوغ النوع البشري ذلك وإن لم يتنعّم شخصياً به ، فالمؤمن يتحرّك من إيمان مبدئي وقناعة عقائدية بمشروع المهدي لا من نزعة مصلحية وطموح ذاتي ، لذلك فهو في جهوده في تعجيل الفرج يبتغي مرضاة الله والقرب من الإمام وإن لم يلتحق به ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ اعرف إمامك؛ فإنّك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره ، وفي رواية أخرى بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ (١).
عن أبي بصير قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ـ جعلت فداك متى الفرج؟ فقال : يا أبا بصير وأنت ممن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فُرّج عنه بانتظاره ـ (٢).
فرج وأي فرج أن تهتدي الطليعة المهدوية إلى الدرب القويم ، فتسير بثبات على بيّنة من أمرها في حين يضلّ المتردّدون ، ويضيع التائهون المفتونون وراء الرايات الضالّة المضلّة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ لترفعنّ اثنا عشر راية متشابهة لا يعرف أي من أي ، قال المفضل :
__________________
١ ـ النعماني ، الغيبة ، ص ٣٢٩.
٢ ـ المصدر نفسه ، ص ٣٢٠.