( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [ النساء ].
فهذه الآيات تؤكّد وجود قوانين تحكم حركة التاريخ ، وقواعد تضبط نهضة المجتمعات وتقود عملية التغيير فيها.
وهناك آيات أخرى تشرح تفاصيل هذه القوانين والسنن نستعرضها في عنصر لاحق ( في الفصل الثالث ).
يمكن اعتبار المحور الذي تحوم حوله بحوث فلسفة التاريخ ، أي موضوع هذا العلم ، هو حركة المجتمعات الإنسانية من حيث المفهوم والقوانين ، المبادئ والغايات ، ففي هذا العلم نعالج الأسئلة التالية :
هل لأحداث التاريخ سنن وقواعد عامة تتحرّك وفقها؟
هل للتاريخ غاية يتجه نحوها أم لا؟
هل هناك مراحل يقطعها التاريخ البشري لبلوغ هذه الغاية إن وجدت أم أنّه مسار عشوائي نحو منتهاه؟
ما هي آفاق حركة التاريخ البشري؟ ما هي العوامل المتحكّمة في مستقبل الناس؟
هل انتهى التاريخ كما يدعي البعض ـ فوكاياما ـ ، أم للتاريخ نهاية أخرى؟
ما هو القانون الذي يحكم التنوّع الحضاري والعلاقات الدولية ، أهو الصراع والصدام ، أم الحوار والتكامل؟
هذه الأسئلة تعكس أهمّ القضايا التي تتصدّى لها فلسفة التاريخ.
كأي بحث معرفي تستهدف فلسفة التاريخ جملة غايات ، أهمّها :
أوّلاً : اكتشاف القوانين والسنن التي تحكم التاريخ البشري ، والعوامل المؤثّرة في حركة المجتمعات والحضارات ، والقوى الفاعلة في اتجاه المسيرة الإنسانية.
ثانياً : فهم التاريخ بشكل أعمق ، واكتشاف الروابط المهمّة التي تشدّ الماضي إلى