الحاضر ، وهذا الأخير بالمستقبل.
ثالثاً : تحديد المستقبل بوضوح ودقّة كمقدّمة لطرح الاستراتيجيات والخطط المرحلية للوصول إليه وبلوغه.
رابعاً : امتلاك وعي تاريخي يسهم في اكتمال منظومة الوعي الإنساني قصد قيام النموذج الحضاري الذي يكفل السعادة للجميع.
وفي ضوء هذه الأهداف الخطيرة تبدو فلسفة التاريخ أبعد ما يكون عن الترف الفكري أو أحاديث الصالونات الذي تلوكه النخب المثقّفة و ـ الانتلجنسيا ـ المتعالية؛ بل هي جزء أساسي للتركيبة النفسية والفكرية للأُمّة المسؤولة عن واقعها وتغييره نحو الأفضل ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) [ الرعد ].
فغياب وعي قرآني بالتاريخ ونواميسه يعني سيادة وعي زائف ومفاهيم خاطئة من شأنها أن تقود الأُمّة إلى السقوط ، وتشدّها إلى الوراء.
ونحن نزعم أنّ أحد أسباب تخلّف الأُمّة وتقهقرها إلى الوراء وتداعي القوى الكبرى عليها ووقوفها وقفة الذليل مسلوب القوّة والطاقة يرجع فيما يرجع إلى غياب وعي تاريخي إيجابي يدفع للعمل الصالح والحضور الفعّال في ساحات الصراع ، بدلاً من الاستغراق في الجدل وتمجيد الماضي وإلغاء الآخر ، وبالتالي الانسحاب من مواقع التحدّي والعطاء.
إنّنا لا نبالغ إذا قلنا إنّ فلسفة التاريخ تمثّل قاعدة أساسية لبناء شخصية الفرد وروح المجتمع ، وهذا ما نوضّحه في العناوين التالية :
لا ينفكّ الإنسان عن عقيدة يتبنّاها ، فهو كائن عقائدي ، لا يستقيم حاله دون امتلاك رؤية للكون والإنسان والحياة ، وهذا يقود بالضرورة إلى الإيمان بدين من الأديان أو إيديولوجية ما أو مذهب من المذاهب ، فمعرفة المبدأ والمنتهى والسبيل من القضايا المركزية في العقيدة.
وهذه المفاهيم تمثّل البناء التحتي للرؤية التاريخية وفلسفة التاريخ ، فليست هذه الفلسفة سوى رؤية لِحَركة الإنسان في الزمان والمكان تقوم على قراءة للمبدأ وبيان معالم الغايات.