والممتدّ إلى نهايات المسيرة ، ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) [ إبراهيم ].
وعلى أساس هذه الرؤية الترابطية الموضوعية يستطيع الفرد والمجتمع في كلّ آن تاريخي أن يحدّد المرحلة التاريخية والمحطّة الزمانية التي تمرّ بها قافلة الإنسانية ، وبالتالي يستطيع أن يشخّص بدقّة الدور والرسالة.
فغياب الوعي بطبيعة المرحلة يقود في أحيان كثيرة إلى الحيرة والاضطراب وفقدان الرؤية الصحيحة في العمل ، و ـ من عَرِف زمانه لم تهجم عليه اللّوابس ـ.
في ثقافة الأُمّة الكثير من التصوّرات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة عن التاريخ وعلاقتنا بالماضي ، مما يؤكِّد الحاجة الماسّة لرؤية تاريخية جديدة تزيل الأوهام وتطرد الموروثات القاتلة ، فقرون التخلّف لا تزال تلقي بظلالها على وجدان الأُمّة وروحها لتغرس وعياً مزيّفاً نتلمّس ملامحه في أكثر من صيغة.
مثال ذلك : غياب الفكر السنني على مستوى الدور التاريخي ، وغياب عقلية الأخذ بالأسباب وانتظار الأُمّة أن ينزل عليها النصر بمعجزة من السماء! حيث لا تزال أوساط كثيرة من الأُمّة الإسلامية تتوقّع أن تَحسِمَ معاركها مع الخصوم والأعداء المعاجز والملائكة ، وهي جالسة خاملة مكتفية في أحسن الأحوال بالدعاء!
ولذلك نَسَجَ الخيال الشعبي العديد من الحكايات التي نسمعها هنا وهناك عن هذه التوقّعات وهذه الرغبات الدفينة ، وهي لا ترى مانعاً أن هذا النصر يَنزِل جاهزاً على يد طواغيت نكّلوا بالأُمّة وقتلوا علماءها وشرّدوا أخيارها!
ولكن غاب عن هؤلاء أنّ التاريخ تحكمه سنن وقوانين ، والتدخل الإلهي له قوانينه وشروطه ومقوّماته ، والتاريخ تحكمه إرادة الخيِّرين والصالحين ، لا المعاجز!
وأنّ الرسول صلىاللهعليهوآله خاصّةً والأنبياء عليهمالسلام عموماً لم يكونوا استثناءً لقوانينه ، وزُلزِلوا وامتُحنوا ولم ينزل النصر هديةً عليهم من السماء!