الآلهة الأخرى غائبة صمّاء غير مكترثة أو غير موجودة أمّا هو فهو تجلّ للإله الواحد الحقّ ... وبعد ذلك اتخذ الحكّام ألقاباً مثل المحيين EU ـ GETE ـ أو المنقذ وتجلّي الإله ويتخذون الصاعقة كـ ( يرانوس ) ـ (١).
إنّ الهندوسية مزيج من الاعتقادات والفرائض والسنن ، وهي قد تنتكس أحياناً في اتجاه عبادة بعض الظواهر الطبيعية ، وتسمو أحياناً أخرى إلى التجريدات العقلية الفلسفية ، لا يعرف لها مؤسّس بعينه ، وكذلك كتابهم المقدّس ـ الفيدا ـ وهو الجامع لأحكامهم ومعتقداتهم وعاداتهم بين دفتيه.
تتميّز الديانة الهندوسية بكثرة الآلهة بسبب انشدادهم إلى جملة من الظواهر الطبيعية والكائنات ، واعتقدوا أنّ لها أرواحاً أو نفوساً فتقرّبوا إليها بالعبادة والقرابين واعتبروها آلهة.
وفي مرحلة أخرى من نضج فكرهم العقائدي ، آمنوا أنّ في صف الآلهة رؤساء ومرؤوسين ، وأنّ ربّ الأرباب هو الرئيس الآمر وحده ، وقالوا : إنّ الآلهة هي إله واحد ـ هو الذي أخرج العالم من ذاته ، وهو الذي يحفظه ثمّ يهلكه ثمّ يردّه إليه ، وأطلقوا عليه ثلاثة أسماء فهو ـ براهما ـ من حيث هو موجود ، وهو ـ فشنو ـ من حيث هو حافظ ، وهو ـ سيفا ـ من حيث هو مُهلك ـ (٢).
وتقوم الهندوسية على تصنيف طبقي للمجتمع حيث يقسّمونه إلى أربع طبقات : البراهمة ، الجند ، التجّار والصنّاع ، الخدم والعبيد ، وهو تقسيم عرقي؛ لأنّهم أخرجوا المنبوذين ومنعوهم من الدخول في هذه الأقسام ، وقَصَروا التصنيف على الجنس الآري القادمين من الغرب ، والتورانيين ـ الجنس الأصفر الذين جاءوا من
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ٨٢.
٢ ـ أحمد شلبي ، أديان الهند الكبرى ، ط ١٠ ، ص ٥٢.