ولم تغبْ فكرة المخلّص عن الفلاسفة المحدثين ، حيث صرّح العديد من فلاسفة العصر بأنّ العالم بانتظار المصلح ، من بينهم الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل الذي نسب إليه القول : ـ إنّ العالم في انتظار مصلح يوحّد العالم تحت علم واحد وشعار واحد ـ ، وكذلك العالم الكبير أنشتاين صاحب نظرية النسبية الذي نسب إليه القول : ـ إنّ اليوم الذي يسود العالم كلّه الصلح والصفاء ويكون الناس متحابّين متآخين ليس ببعيد ـ.
ولوّح برناردشو بمجيء المصلح العالمي في كتابه ـ الإنسان والسوبرمان ـ ، وهذه الفكرة فكرة السوبرمان عمّقها فيلسوف القوة فريدريك نيتشه في أواخر القرن التاسع ، واعتبر أنّ ـ الغاية من الإنسانية هي خلق هذا الإنسان الأعلى ـ سوبرمان ـ ـ ، وذلك لأنّ الإنسان عامة لا قيمة له في ذاته ، وإنّما قيمته وسيلة إلى خلق هذا النوع الممتاز ، ومن أجل تحقيق هذه الغايات ينادي نيتشه بضرورة تحطيم الأصنام التي استعبدت الإنسانية ، أصنام الأخلاق ، وأصنام السياسة ، وأصنام الفلسفة ، فالخير كلّ الخير في الإنسان الأعلى ، والخلاص كلّ الخلاص في القوة ـ لأنّ الخير كلّ ما يعلو في الإنسان بشعور القوة وإرادة القوة والقوة نفسها ، والشرّ كلّ ما يصدر عن الضعف ، والسعادة هي الشعور بأنّ القوة تنمو وتزيد وبأنّ مقاومة ما قد قضي عليها ـ.
مع بزوغ فجر الإسلام الذي ظهر على الدين كلّه اتضحت أكثر معالم فكرة المخلّص ، وصدّق الرّسول مابين يديه من بشارات ، وأعطاها مداها الواقعي وتفاصيلها التي تفتقر إليها الأديان السابقة.
لقد بشّر الرسول صلىاللهعليهوآله بالمهدي عجل الله تعالى فرجه واتفق جميع المسلمين على مختلف طوائفهم إلا ما شذّ منهم ممن لا يعتدّ بهم على صحّة هذه الأحاديث في الجملة وتواترها الإجمالي ، ومن هنا تعمّقت هذه الفكرة في وجدان المسلمين ، وكان لها صداها العميق في وعيهم وتاريخهم ، وتمّ لأجل ذلك توظيف الفكرة في سبيل تعبئة الجماهير