خاض معارك مع حاكم السودان رؤوف باشا المصري وهزمه ، فأرسلت الحكومة المصرية جيشاً آخر على دفعتين ويهزم في كلّ مرّة ، وانقادت السودان كلّها للمهدي ، واستقرّ بأم درمان ، وطفق يجمع الجموع لينقض على مصر ، ولكنّه أصيب بحُمّى التيفوس فمات بعد أن أوصى بالخلافة من بعده لعبد الله التعايشي سنة ١٨٨٥ م وتذكر كتب التاريخ والأعلام آخرين ادّعوا المهدية ، منهم مهدي تهامة باليمن ، ومهدي السنغال ، ومهدي السوس ، ومهدي الصومال.
يأخذ الحديث عن فكرة المخلّص في النظريات الوضعية منحى آخر يتجه فيه البحث نحو الصيغة التي تحقّق السعادة للإنسان ، وتدفع مسيرة المجتمع البشري إلى نمط من العيش يكفل العدالة على الأرض ، ويضمن المستقبل السعيد.
فهل يمكن حقّاً للإنسانية أن تتجاوز معاييرها الأنانية الضيّقة ، ونزعاتها الحيوانية من أجل المال ، والسلطة ، والنفوذ ، والشهوات ، لتسلّم زمام أمرها إلى مخلّص يسمو بها إلى آفاق موعودة مأمولة؟
يمكن أن نصوغ الإجابة عن هذا السؤال على لسان أهمّ النظريات الوضعية ، لنرى إلى أي مدى أدركت هذه النظريات حقيقة الخلاص ، وطبيعة المخلّص؟
حسب هذه النظرية فإنّ التاريخ الطويل للبشرية الحافل بالتجارب والمشاكل سيقودها إلى فكر قانوني متطوّر ، وذلك بفضل الإحاطة التفصيلية الدقيقة بالقضايا ، والإشكالات التي تواجه الحياة الاجتماعية ، والتي توفّرها طبيعة الحياة من جهة ، والجهود التي تبذلها مراكز القرار والتشريع والقانونيين في إيجاد الصيغ الملائمة للتنظيم من جهة أخرى.
وباستقراء تاريخ القانون نلاحظ الثراء العلمي والتكامل المطرد في نتاجه ، ـ وقد