على ذلك تشعّب المدارس القانونية ، واختلافاتها العديدة في تشخيص المصالح والمفاسد وضبط البنود ، ـ وإذا لم توجد الوحدة في الفكر القانوني كان من المتعذّر وجود المجتمع العالمي العادل تحت ظلّ القانون البشري بأي حال من الأحوال ـ (١).
تقوم هذه النظرية على اعتبار التقدّم العلمي هو السبيل لتحقيق مجتمع السعادة ، فبواسطة التقنيات المعاصرة نستطيع أن نضاعف الإنتاج الزراعي والغذائي ونكفل بالتالي حاجات المجتمع ، وتقضي على الفقر والمجاعة والخصاصة ، وبفضل التقدّم الطبّي قد يصل الإنسان في المستقبل القريب إلى علاج لأكثر الأوبئة استعصاء ، هذه التقنيات وغيرها مكّنت الإنسان من حياة مرفهة مريحة بعيدة عن المنغّصات والمتاعب ، والتطوّر الإعلامي من جهته جعل الأرض قرية كونية يتابع المرء فيها عبر الشبكات الاتصالية كلّ ما يحدث في أي بقعة من بقاع الأرض ، بل أصبح النتاج الثقافي والعلمي والأدبي متاحاً للجميع في أوقات قياسية ، ولم تتخلّف الأنشطة الاقتصادية والتجارية التي استفادت من هذه الثورة المعلوماتية ، فاندفعت أشواطاً كبيرة إلى الأمام.
والعلم حسب ما تتنبّأ به الدراسات المستقبلية ما زال يخطّط لمستقبل باهر قد لا نصدّق بعض ملامحه ، حيث تتحكّم الهندسة البيولوجية في أولادنا ، وفي إنتاجنا الحيواني والنباتي ، ويفجّر الذكاء الصناعي زوبعة لا غاية لصداها ، وتقوم حضارة إنسان الفضاء ، ويحقّق الطبّ حلم الإنسان في التعمير عقوداً طويلة ... ، وفي ضوء هذه التوقّعات يمكن القول بأنّ العلم يكفل للبشرية المستقبل السعيد ، وأنّه مخلّص المجتمع الإنساني مما يعيشه من تخبّط وفوضى وفاقة وحروب ....
ولكنّنا نناقش هذه الأطروحة من عدّة وجوه :
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٣.