أوّلاً : إنّنا لا ننكر أهمّيّة التقدّم العلمي والإنجازات العلمية التي غيّرت معالم حياة الناس وجلبت لهم الراحة والحياة المرفهة ، ولكن ذلك لا يعني البتة أنّ العلم وحده كفيل بتحقيق السعادة المرجوة ، فإنّ العلم يؤمِّن حاجات الإنسان في جانبها التقني والفنّي ، ويساعد على حسن تدبير حاجاته من مأكل وملبس ومشرب ووسائل نقل و ... ، غير أنّ العلم لا يؤمِّن الجانب القيمي والتنظيمي من حياة الإنسان ، فهو لا يمنحه رؤية في الحياة ولا يطرح لنا مشروعاً اجتماعياً ، ولا صيغة تنظيمية ، ولا تشريعاً ينظّم علاقة الإنسان ، ومن باب أولى أنّه يهمل علاقة الإنسان بالله وعجل والغيب؛ لأنّ ميدان العلم هو التجربة والمحسوسات دون الماورائيات.
ثانياً : إنّ العلم كما قدّم اختراعات وابتكارات خدمت البشر ، كذلك يقدّم كلّ يوم وسائل تهدّد البشرية بالفناء والدمار ، فالمخزون الهائل من أسلحة الدمار الشامل الذي يهدّد حياة البشرية هو نتاج التقدّم العلمي والتقنيات العالية في تصنيع السموم والأسلحة الكيماوية ... وصنع أدوات التعذيب ، والتفنّن في وسائل الإغراء وإشاعة الفساد ، كلّها من ـ بركات ـ العلم.
إنّ العلم يبقى أداة فعّالة بيد الإنسان يمكن أن يساهم في إرساء السعادة والعدل ، كما يمكن أن يفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل ، من هنا فإنّ هذه الأطروحة المادّية لا تمثّل المخلّص حقّاً ، ولا يمكن إلا أن تبوء بالفشل.
تتميّز الرؤية الماركسية بصفات نظرية بوّأتها مكانة بارزة في تاريخ المذاهب الفكرية ، ومن عناصر القوّة في هذه المدرسة؛ الشمولية في تفسيرها الطبيعة والتاريخ على أساس المادّية الجدلية في المستوى الأوّل ، والمادية التاريخية في المستوى الثاني ، والعنصر الثاني من عناصر القوّة؛ التبشير بمستقبل رغيد للبشرية عموماً والطبقة الكادحة خصوصاً.