وحضارية ، فيحكم على الثاني بالعجز ، ولكن العجز في المسلمين وأساليبهم ، لا في الإسلام ، فهو قادر على مقارعة الليبرالية في أي زاوية فكرياً وحضارياً بما يمتلكه من عناصر فعاّلة وأساسية لقيادة الإنسان والمجتمع الإنساني نحو الخلاص الواقعي والسعادة الواقعية ، لكن المشكلة تكمن في قصور العاملين والمبلّغين والمؤسّسات الإسلامية التي تعاني من عقم فادح في إيصال صوت الإسلام وصورته النقية إلى كلّ البشر؛ لأنّها لا تزال حبيسة آليات ووسائل بعيدة عن مقتضيات العصر ومتطلّباته ، ولم تستفد كما ينبغي من التطوّر الرهيب لوسائل الاتصال في هذا الاتجاه إضافة إلى ما ابتلي به الإسلام من جماعات تكفيرية وعصابات إجرامية تمارس حماقات بعيدة عن جوهر الدين ساهمت في تنفير الرأي العام الغربي.
في فقرة المخلّص في الأديان لم نتحدّث عن المخلّص في الإسلام كما هو الحال في سائر الأديان الأخرى؛ لأنّنا نعتقد أنّ عقيدة الإسلام في المهدي عجل الله تعالى فرجه ليست فرضية في مقابل الفرضيات الأخرى؛ بل الرؤية الإسلامية الإمامية هي الرؤية الواقعية ، خاصّة بعد ما تبيّن كذب مدّعي المهدوية في كلّ الاتجاهات الأخرى.
إنّ الإسلام صدّق ما بين يديه من البشارات عن المخلّص؛ لأنّ أصل الفكرة كما أشرنا هو الوحي الإلهي ، ولا توجد فرضية أخرى تفسّر لنا هذا الاطراد لهذه الفكرة وهذا التواطؤ والاتفاق العام بين عموم الديانات والفلسفات والمذاهب على فكرة المخلّص.
لكن الخصوصيات الزائدة على أصل الفكرة جاءت مضطربة ومتناقضة أحياناً هي نتيجة شوائب وعناصر غريبة أقحمت إقحاماً بحكم قصور الوعي البشري وعدم بلوغه الدرجة التي تؤهّله لمعرفة كلّ التفاصيل.
فالرسالة الإسلامية أكّدت المبدأ واستمراريته في تاريخ الأديان :