وكيف لمن يعيش داخل التاريخ أن يحيط بما وراءه؟ وما بعده؟ إنّه عائق تكويني حقيقي يحول دون الوصول إلى وقائع الأمور.
الوحي المتعالي هو المصدر الأساسي للنظرية الإسلامية في تفسير التاريخ ، وهو المرتكز المعرفي لهذه النظرية.
وتلك ميزة ينفرد بها التفسير الديني؛ لأنّه لا يمكن صياغة رؤية عقلانية عن التاريخ إلا باتخاذ موقع من التاريخ والنظر إليه ككلّ ، هذه النظرة إلى التاريخ من أعلى هي التي تمكّن فيلسوف التاريخ من النظر إلى الحوادث في ترابطها وتمكّنه من إسقاط العلاقات السببية بين الحوادث في المستقبل ، ثمّ يستمرّ فيلسوف التاريخ في هذه العملية فيتجاوز حدود توقّع المستقبل وينتهي إلى طرح مشكلة غاية التاريخ أو نهاية التاريخ ، مقابل الفكر الوضعي المستغرق في الزمان بما يمثّله من حاجز معرفي يحبس الباحث في حدود الآن ويعوق التحديق العميق في المستقبل بتحوّلاته وانقلاباته ويحول دون امتلاك رؤية شمولية تغطّي الحاضر والماضي والمستقبل.
يمكّن الاستناد إلى الوحي المتعالي من اقتناص هذه الرؤية الشمولية الواقعية.
فالتعالي هو ضمان الواقعية ، ودونه يتضخّم في وعينا زمننا الحاضر ومكاننا القائم لتحتجب عنّا الرؤية الكاملة وتطغى علينا الرؤية الموضعية الناقصة الجزئية.
إشكالية الموضوعية ، مسألة منهجية تطّرد في كلّ البحوث خاصّة في مجال العلوم الإنسانية التي يكون فيها الإنسان جزءاً من موضوع العلم.
والموضوعية في التاريخ عموماً ، وفلسفة التاريخ خصوصاً مقصد مهمّ يصطدم بإشكالية وحدة الذات والموضوع ، حيث يكون الباحث هو الإنسان ، والبحث هو مسيرة