القيود البيئية والاجتماعية ـ (١).
ليس الجغرافيا وحدها ، ولا الكبت الجنسي ، ولا وسائل الإنتاج ، هي التي تصنع التاريخ وتشيّد الثورة؛ بل الإنسان يحقّق كلّ ذلك بمحتواه الداخلي.
يتميّز الدين عن الفلسفة بروح التقديس ، هذه النزعة تدفع المؤمن إلى النضال والاستماتة في سبيل تجسيد أفكاره في الواقع.
لأجل ذلك يترك كلّ الأنبياء آثاراً واقعية في حياة الناس والمجتمع ، ولا يكتفون برفع الشعارات وتقديم النظريات ، وقلّة من الفلاسفة هم كذلك يندفعون للتضحية بذواتهم من أجل أفكارهم ورؤاهم.
وفلسفة التاريخ من منظور قرآني إسلامي ليست نظرية تجريدية تفتقت بها عبقرية مفكّر ، ولا رؤية طوباوية تحلم بها الجماهير الجائعة المظلومة لتخفّف عن نفسها وطأة التاريخ وظلم المؤسّسات السياسية ، وتعوّض عن أيّامها العصيبة المؤلمة بحلم وردي جميل.
وليست ترفاً فكرياً يتلألأ في صالونات الأنتلجنيسا ـ الإسلامية الجديدة ـ أو ـ النخب الفكرية الإسلامية الحديثة ـ.
فلسفة التاريخ ليست ذلك كلّه ، ولكنّها ثقافة أساسية يتعرّف من خلالها الفرد والمجتمع على موقعه ودوره ورسالته في الزمن انطلاقاً من قراءة واقعية صائبة للوجود والإنسان والمستقبل.
بعد عرض وشرح الخصائص العامة لفلسفة التاريخ من منظور إسلامي ، نعلّل الأسس العامة لهذه النظرية ، وهي خمسة :
|
ـ غاية التاريخ. ـ العوامل المؤثّرة في حركة التاريخ. |
__________________
١ ـ نهضة المهدي في ضوء فلسفة التاريخ ، ص ٣٦.