المهمّة التي توجّه حركة التاريخ.
ولئن تميّزت بعض الطروحات بتقديم قراءة متحرّكة متطوّرة للعامل الأساسي في التاريخ حيث يلحظ التطوّر البشري في مرحلة مبكّرة الآلهة تصنع التاريخ ، وفي حقبة متقدّمة يكون البطل هو صانع التاريخ ، وفي الحقبة الأخيرة المسؤولية تناط بعهدة الجماهير ( نظرية فيكو ).
ولكن كلّ هذه الفرضيات ترفضها النظرية الإسلامية ـ وكلّ هذه المحاولات لا تتفق مع الواقع ولا يقرّها الإسلام؛ لأنّ كلّ واحد منها حاول أن يستوعب بعامل واحد تفسير الحياة الإنسانية كلّها ، وأن يصيب هذا العامل من أدوار التاريخ وفصول المجتمع ما ليس جديراً به لدى الحساب الشامل الدقيق ـ (١).
لأجل ذلك جنحت النظرية الإسلامية إلى قاعدة تعدّد العوامل ، فواقعيتها توجب الإقرار والاعتراف بكلّ الفواعل المؤثّرة في حياة الإنسان وتاريخ المجتمعات وحركة الحضارات.
وتتشكّل منظومة هذه الفواعل من العناصر الآتية :
أوّلاً : الغيب.
ثانياً : الإنسان.
ثالثاً : النظام الكوني.
رابعاً : النظم السياسية والاجتماعية.
خامساً : سنن التاريخ.
تفرض العقيدة الإسلامية إرجاع الأمور كلّها إلى الله وعجل ، ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [ الأعراف ].
فالله خالق الكون وبارئ الإنسان وهادي الكائنات إلى كمالها النوعي ، والله هو
__________________
١ ـ محمّد باقر الصدر ، اقتصادنا ، ص ٤١.